السؤال
لدي أكثر من سؤال، ولكن في موضوع واحد بإذن الله. لقد سافرت إلى تركيا لغرض العلاج، ومساجد المنطقة التي كنت فيها يصلون بسرعة كبيرة جدا، لا أكمل الفاتحة، رغم سرعتي في قراءتها، الله أعلم أصل إلى الآية {اهدنا الصراط المستقيم}، ويكبر للركوع، والركوع والسجود سريعان أيضا، وحتى في الصلاة الجهرية لو خشعت في القراءة سيخل بها في الركوع والسجود.
المهم أني لم أكن مرتاحا أبدا بسبب هذه السرعة، وأصبحت أصلي منفردا في الفندق والمسجد.
السؤال: هل صلاتي في المسجد منفردا -والجماعة تصلي-؛ باطلة؟ مع العلم أنه ليس كل الصلوات، فأحيانا أصل المسجد والصلاة انتهت، وأصلي. فهل علي إعادة هذه الصلوات التي صليتها في المسجد منفردا. لا أتذكر جيدا الصلوات التي صليتها، والجماعة تصلي، أو عندما يكون المسجد فارغا يصعب أن أحدد. كان علي أن أصلي منفردا في الفندق، وهذا هو الخطأ.
هل الصلاة في هذه الحالة باطلة، ويجب إعادتها؟ وفي حال الإعادة، ولم أستطع أن أحدد متى صليت -والجماعة تصلي، أو عند فراغ المسجد-. ماذا أفعل؟ وهل تعاد صلاة الجمعة أيضا في هذه الحالة، وأصليها ظهرا بسبب السرعة. يعني إذا لم أكن مرتاحا في الصلاة. فكيف ستحصل الطمأنينة!
أسأل الله أن يوفقكم.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فصلاتك في الفندق أو غيره صلاة صحيحة، ولا تبطل لكونك لم تصل جماعة في المسجد، وصلاة الجماعة في المسجد ليست شرطا لصحة الصلاة بدليل حديث يزيد بن الأسود -رضي الله عنه-: أنه صلى مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- صلاة الصبح, فلما صلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا هو برجلين لم يصليا, فدعا بهما, فجيء بهما ترعد فرائصهما، فقال لهما: ما منعكما أن تصليا معنا؟ قالا: قد صلينا في رحالنا. قال: فلا تفعلا، إذا صليتما في رحالكم، ثم أدركتم الإمام ولم يصل، فصليا معه، فإنها لكم نافلة. رواه أحمد, واللفظ له, والثلاثة, وصححه الترمذي, وابن حبان. فالنبي -صلى الله عليه وسلم- لم يأمر الرجلين بإعادة الصلاة مع أنهما لم يصليا في المسجد مع الجماعة، وانظر الفتوى: 139651. بعنوان "هل صلاة الجماعة شرط في صحة الصلاة".
ومن صلى في المسجد منفردا أثناء إقامة الجماعة؛ صحت صلاته، وأساء، فلا إعادة عليه.
جاء في مواهب الجليل للحطاب المالكي: فإذا كان الإمام في فرض، فلا يجوز للشخص أن يصلي تلك الصلاة فذا، ولا في جماعة، ولا أن يصلي فريضة غيرها، قال القاضي عياض: فإن فعل أساء، وتجزئه... اهــ.
وقال أبو الوليد الباجي في المنتقى: ولو قدموا رجلا منهم إلا واحدا منهم صلى فذا، فقد أساء، وتجزئه صلاته بمنزلة رجل وجد جماعة تصلي بإمام فصلى فذا. اهـ
ولا شك أن الصلاة في المسجد مع الجماعة أعظم أجرا، فلا تترك ما لم يكن عذر يمنع من الاقتداء بالإمام، وأما ما ذكرته من سرعة الإمام في الصلاة، فإذا كان إسراع الإمام في الصلاة لا يؤدي إلى إخلاله بأركانها، ويأتي بالحد الأدنى للطمأنينة، فلا تترك الصلاة في المسجد حينئذ، وهذه الطمأنينة تقدر بأدنى سكون بين حركتي الرفع والخفض، وقيل تقدر بمقدار الذكر المشروع في ذلك المحل.
قال ابن رجب -رحمه الله-: وقدر الطمأنينة المفروضة: أدنى سكون بين حركتي الخفض والرفع عند أصحاب الشافعي، وأحد الوجهين لأصحابنا، والثاني لأصحابنا: أنها مقدرة بقدر تسبيحة واحدة. اهــ.
وأما إذا كان لا يأتي بالحد الأدنى للطمأنينة؛ فإنه يكون مخلا بركن من أركان الصلاة، ويكون هذا عذرا في ترك الصلاة خلفه، والتخلف عن المسجد. ومن صلى خلفه الجمعة مع هذا الإخلال؛ فإنه يعيدها ظهرا؛ لأن الجمعة إذا فاتت، فلا تعاد، وإنما تصلى ظهرا أربع ركعات.
قال ابن قدامة في المغني: ومن فاتته الجمعة، فليصل أربعا. انتهى.
والله أعلم.