السؤال
منذ سنوات جاءت امرأة إلى والدي، وقالت له: إني رأيت في منامي أكثر من مرة أن هناك مقاما لولي صالح في أرضنا، فقام والدي ببناء بعض الحجارة في المكان الذي قالت عنه المرأة، ومن وقتها وهي كل سنة تأتي لزيارة والدي -لا أدري السبب-، ووالدي كل فترة يقوم بإشعال شمعة، ويضع بخورا في المكان الذي بناه، وفي الأيام الماضية جاءت المرأة لزيارة ذلك المكان، فهل هذا شرك؟ وماذا علي أن أفعل؟ أرشدوني، بارك الله فيكم، وجزاكم الله خيرا على هذا الموقع الطيب، وكتب الله أجركم.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلو ثبت أن هذا المكان قد دفن فيه بالفعل ولي من أولياء الله؛ لما جاز أن يبنى عليه، ولا أن يجعل مزارا، فكيف والأمر قد بني على منام لا ندري أصدقت صاحبته أم كذبت؟ وإن صدقت، فلا ندري هل هي رؤيا أم حلم من الشيطان؟!
وعلى أية حال؛ فإنه لا يجوز بناء الأضرحة والمقامات على القبور، ولا إشعال الشموع عليها، ولا إقامة المزارات والولائم؛ فكل هذا ليس من دين الله في شيء، بل هو من البدع المنكرة. وراجع في ذلك الفتاوى: 9943، 68399، 11618.
ثم إن شد الرحال لزيارة قبور الأولياء، لا يجوز، على الراجح من كلام أهل العلم.
وأما ما يفعل عادة عند هذه المقامات، فمنه ما هو محرم وبدعة، كتحري الدعاء عند القبر، والتوسل إلى الله بالمقبور.
ومنه ما هو شرك - والعياذ بالله -، كدعاء الأولياء، والطواف حول قبورهم، وتقديم النذور والقرابين لهم، قال ابن القيم في زاد المعاد: كان هديه أن يقول ويفعل عند زيارة القبور من جنس ما يقوله عند الصلاة على الميت، من الدعاء، والترحم، والاستغفار، فأبى المشركون إلا دعاء الميت، والإشراك به، والإقسام على الله به، وسؤاله الحوائج، والاستعانة به، والتوجه إليه، بعكس هديه -صلى الله عليه وسلم-؛ فإنه هدي توحيد، وإحسان إلى الميت، وهدي هؤلاء شرك، وإساءة إلى نفوسهم، وإلى الميت، وهم ثلاثة أقسام: إما أن يدعوا الميت، أو يدعوا به، أو عنده، ويرون الدعاء عنده أوجب وأولى من الدعاء في المساجد، ومن تأمل هدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه، تبين له الفرق بين الأمرين. اهـ. وانظر الفتوى: 17793.
وأما ما يمكن للسائلة فعله، فهو نصح أبيها وذويها، ودعوتهم للحق بالحكمة، والموعظة الحسنة، ومجادلتهم بالتي هي أحسن، وترغيبهم في هدم هذا البناء. وراجعي الفتويين: 108635، 47806.
والله أعلم.