السؤال
أولا أشكركم على هذا الموقع الرائع، وجزاكم الله كل خير.
هل هناك اختلاف بين أهل العلم في شروط الدخول في الإسلام للكافر الأصلي، ورجوع الكافر المرتد لدينه؟
مع الشكر.
أولا أشكركم على هذا الموقع الرائع، وجزاكم الله كل خير.
هل هناك اختلاف بين أهل العلم في شروط الدخول في الإسلام للكافر الأصلي، ورجوع الكافر المرتد لدينه؟
مع الشكر.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فلا خلاف بين العلماء أن الكافر الأصلي إذا أتى بالشهادتين فإنه يحكم بإسلامه، ولكن لو أتى بإحداهما دون الأخرى فهل يحكم بإسلامه؟
قيل تكفي إحداهما عن الأخرى، وهذا القول إحدى الروايتين عن الإمام أحمد، فلو قال: "أشهد أن محمدا رسول الله" أغنت عن شهادة التوحيد "لا إله إلا الله"، ولو قال: "أشهد أن لا إله إلا الله" أغنت عن الثانية " أشهد أن محمدا رسول الله".
والمذهب عند الحنابلة أن الواحدة من الشهادتين لا تغني عن الأخرى، فلا يحكم بإسلامه إلا بأن يأتي بهما جميعا.
قال المرداوي الحنبلي في الإنصاف: وعنه: يغني قوله "محمد رسول الله" عن كلمة التوحيد. وعنه: يغني ذلك عن مقر بالتوحيد، اختاره المصنف.
قال في الفروع: ويتوجه احتمال: يكفي التوحيد ممن لا يقر به كالوثني. لظاهر الأخبار. ولخبر أسامة بن زيد -رضي الله تعالى عنهما-، وقتله الكافر الحربي، بعد قوله " لا إله إلا الله " لأنه مصحوب بما يتوقف على الإسلام، ومستلزم له.
وذكر ابن هبيرة في الإفصاح: يكفي التوحيد مطلقا. ذكره في حديث جندب وأسامة، قال فيه: إن الإنسان إذا قال لا إله إلا الله عصم بها دمه . ولو ظن السامع أنه قالها فرقا من السيف بعد أن يكون مطلقا. اهــ.
وقال ابن قدامة في المغني: أما الكافر بجحد الدين من أصله، إذا شهد أن محمدا رسول الله، واقتصر على ذلك، ففيه روايتان:
إحداهما: يحكم بإسلامه؛ لأنه روي: أن يهوديا قال: أشهد أن محمدا رسول الله. ثم مات، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: صلوا على صاحبكم.
ولأنه لا يقر برسالة محمد صلى الله عليه وسلم إلا وهو مقر بمن أرسله، وبتوحيده؛ لأنه صدق النبي صلى الله عليه وسلم فيما جاء به، وقد جاء بتوحيده.
والثانية: أنه إن كان مقرا بالتوحيد كاليهود، حكم بإسلامه؛ لأن توحيد الله ثابت في حقه، وقد ضم إليه الإقرار برسالة محمد صلى الله عليه وسلم فكمل إسلامه.
وإن كان غير موحد، كالنصارى والمجوس والوثنيين، لم يحكم بإسلامه، حتى يشهد أن لا إله إلا الله. وبهذا جاءت أكثر الأخبار، وهو الصحيح؛ لأن من جحد شيئين لا يزول جحدهما إلا بإقراره بهما جميعا. اهــ.
والمذهب -كما ذكرنا- أن الواحدة من الشهادتين لا تغني عن الأخرى.
قال في كشاف القناع: ولا يغني قوله، أي الكافر (محمد رسول الله، عن كلمة التوحيد) أي: أشهد أن لا إله إلا الله (ولو من مقر به) أي: التوحيد. لأن الشهادة بأن محمدا رسول الله لا تتضمن الشهادة بالتوحيد كعكسه، فلا يكفي لا إله إلا الله. وأما قوله صلى الله عليه وسلم: قل: لا إله إلا الله، كلمة أشهد لك بها عند الله فالأظهر أنها كناية عن الشهادتين، جمعا بين الأخبار. اهـ.
وأما المرتد فإن كانت ردته بسبب جحد معلوم من الدين بالضرورة، فإنه لا يكفيه النطق بالشهادتين، بل لا بد من إقراره بما جحد؛ لأن السبب الذي حكم لأجله بكفره -وهو جحد ما علم من الدين بالضرورة-، ما زال قائما؛ وقد بينا هذا في الفتوى: 436051، وانظر المزيد عن توبة المرتد والكافر الأصلي، في الفتوى: 431515.
والله أعلم.