السؤال
أشيع من فترة احتواء الشوكولاته، أو الكاكاو عموما على نسبة من الحشرات تتضمن الصراصير خلال جمع بذور الكاكاو، ويصعب عليهم فصل الحشرات منها ويطحنونها.
وأوضحت منظمة الصحة العالمية الحد المسموح لاحتواء الشوكولاته على هذه الحشرات مما يجعل هذه الإشاعة أقرب للصحيح. فهل يحل أكل الشوكولاته مع ذلك، وأكل كل شيء به كاكاو؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فليس هذا الأمر خاصا بالكاكاو! فهناك العديد من الأغذية لا تخلو من بقايا الحشرات الميتة وبيوضها، بداية من حقول زراعتها، ثم أماكن تخزينها، ووسائل نقلها، ثم أثناء تصنيعها وتعبئتها. وتحدد منظمة الصحة العالمية وغيرها من المنظمات المعنية بهذا الشأن، نسبة معينة من ذلك، يسمح بوجودها في كل نوع من هذه الأغذية، ولا يكون لها أثر ضار على الصحة. هذا هو الواقع.
وأما من حيث الحكم الشرعي، فوجود ذلك لا يقتضي الحكم بحرمة تناول هذه الأغذية، لقلة نسبتها بالإضافة للمجموع، ولأنها على قلتها لا تقصد بالأكل أصالة، وإنما هو تابع يشق التحرز عنه. والقاعدة الفقهية أن:[التابع لا يفرد بالحكم].
قال السيوطي في الأشباه والنظائر: لأنه إنما جعل تبعا. ومن فروعه ... الدود المتولد في الطعام يجوز أكله معه، تبعا لا منفردا، في الأصح. اهـ.
والقاعدة أيضا أنه: [يغتفر في التوابع ما لا يغتفر في غيرها] أو: [يغتفر في الشيء ضمنا ما لا يغتفر فيه قصدا].
وقاعدة أخرى، وهي أن: [المشقة تجلب التيسير] ولذلك أبيح الدم الباقي في اللحم والعروق بعد الدم المسفوح، وأبيح ما أصابه فم الكلب من الصيد، وما أشبه ذلك مما يجمعه علة واحدة، وهي المشقة. ولا يخفى أن التحرز من وجود الحشرات في الزروع والثمار والتخلص منها بالكلية أمر فيه مشقة، وبالتالي يقتضي التحفيف.
هذا، مع مراعاة أن أكل الحشرات ذاتها قصدا، لا يحرم عند بعض أهل العلم، كالمالكية، وراجعي في ذلك الفتاوى: 8361، 179171، 276619.
وهنا ننبه السائلة على أن نحو ذلك يحدث على مستوى الأفراد في حياة الناس العادية، فقد يأكل المرء فاكهة من غير غسل، ويكون عليها شيء من بقايا الحشرات أو بيوضها. ولا يقتضي ذلك الحكم بحرمة أكلها قبل غسلها، ما لم يثبت ضررها، وانظري للفائدة الفتوى: 161283.
والله أعلم.