الاتفاق في الاسم لا يوجب مماثلة الخالق للمخلوق

0 23

السؤال

أسألكم بالله أن تدعوا لي بالهداية إلى الحق.
هل الصفات المشتركة بين الله وبين العباد - كالكرم، والرحمة، وغيرها- تعتبر شراكة مع الله، أم لا يوجد شريك لله في شيء من الأشياء؟ وهل هذا النوع من الشرك قد أنزل الله به سلطانا أم لا؟ فأنا لا أفهم هل نحن بصفاتنا المشتركة بيننا وبين الله نكون شركاء لله؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فنسأل الله تعالى أن يهديك، ويوفقك لما يحب ويرضى.

وأما جواب ما سألت عنه، فهذا إنما هو اشتراك في اللفظ، وأصل المعنى الذهني، لا في الحقيقة والوجود خارج الذهن.

وهذا النوع من الاشتراك، يوجد قدر منه بين كل موجودين، ومع ذلك لا يختلط أحدهما بالآخر، لا في الذهن، ولا في الحقيقة.

فالرحمة مثلا توجد عند الإنسان، وعند الحيوان، ومع ذلك يبقى كل منهما متميزا عن الآخر في وجوده، وذاته، وفي صفاته، وخواصه، فما بالك بالفرق بين الخالق والمخلوق؟!

فالله تعالى واحد في ذاته، وصفاته، ليس كمثله شيء، ولا شريك له في خلقه، وملكه، وحكمه، وحق عبادته، قال تعالى: وقل الحمد لله الذي لم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك ولم يكن له ولي من الذل وكبره تكبيرا [الإسراء:111]، وقال: الذي له ملك السماوات والأرض ولم يتخذ ولدا ولم يكن له شريك في الملك وخلق كل شيء فقدره تقديرا [الفرقان:2]، وقال: له غيب السماوات والأرض أبصر به وأسمع ما لهم من دونه من ولي ولا يشرك في حكمه أحدا [الكهف:26]، وقال: قل إن صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين. لا شريك له وبذلك أمرت وأنا أول المسلمين [الأنعام:162-163].

قال شيخ الإسلام ابن تيمية -كما في مجموع الفتاوى-: من المعلوم بالضرورة أن بين كل موجودين قدرا مشتركا، وقدرا مميزا، والدال على ما به الاشتراك وحده، لا يستلزم ما به الامتياز.

ومعلوم بالضرورة من دين المسلمين أن الله مستحق للأسماء الحسنى، وقد سمى بعض عباده ببعض تلك الأسماء، كما سمى العبد سميعا بصيرا، وحيا، وعليما، وحكيما، ورؤوفا رحيما، وملكا، وعزيزا، ومؤمنا، وكريما، وغير ذلك. مع العلم بأن الاتفاق في الاسم، لا يوجب مماثلة الخالق بالمخلوق، وإنما يوجب الدلالة على أن بين المسميين قدرا مشتركا فقط؛ مع أن المميز الفارق أعظم من المشترك الجامع ...

 وقول الناس: إن بين المسميين قدرا مشتركا، لا يريدون بأن يكون في الخارج عن الأذهان أمرا مشتركا بين الخالق والمخلوق؛ فإنه ليس بين مخلوق ومخلوق في الخارج شيء مشترك بينهما، فكيف بين الخالق والمخلوق!؟ اهـ. وانظر لمزيد الفائدة الفتوى: 220240.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة