السؤال
صديقي قتل شخصا لم يكن يتهاون أبدا عن إيذائه بشتى أنواع الطرق، ولقد وصل الإيذاء إلى تعمده نقل مرض الإيدز له عن طريق الحقن، وهو مصر على تكرار هذه الفعلة؛ ليتأكد فعلا أنه أصيب بالمرض، وقد علم عن هذا الشخص تركه للصلاة، فما مصير صديقي أمام الله سبحانه وتعالى يوم القيامة؟ وهل هو من الداخلين في قول الله تعالى: "ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما" [النساء:93]؟ ولا أريد أن أعرف عقوبته في الدنيا، أو حكم القصاص، أو الحكم القضائي له.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالذي يمكننا إفادة السائل به هو أن الآية التي ذكرها -وغيرها من نصوص الوعيد-، لا يجزم بمقتضاها في حق أحد بعينه، بل لا بد من توفر الشروط، وانتفاء الموانع في حق المعين؛ لتنطبق عليه، قال شيخ الإسلام ابن تيمية -كما في مجموع الفتاوى-: نصوص الوعيد التي في الكتاب والسنة ... لا يستلزم ثبوت موجبها في حق المعين، إلا إذا وجدت الشروط، وانتفت الموانع، لا فرق في ذلك بين الأصول والفروع. هذا في عذاب الآخرة، فإن المستحق للوعيد من عذاب الله، ولعنته، وغضبه في الدار الآخرة، خالد في النار، أو غير خالد، وأسماء هذا الضرب من الكفر والفسق، يدخل في هذه القاعدة، سواء كان بسبب بدعة اعتقادية، أو عبادية، أو بسبب فجور في الدنيا، وهو الفسق بالأعمال. اهـ.
وقال في موضع آخر: فإن الله سبحانه وتعالى يقول: {إن الذين يأكلون أموال اليتامى ظلما إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا}، فهذا ونحوه من نصوص الوعيد حق، لكن الشخص المعين لا يشهد عليه بالوعيد، فلا يشهد لمعين من أهل القبلة بالنار؛ لجواز أن لا يلحقه الوعيد؛ لفوات شرط، أو ثبوت مانع. اهـ.
فانشغل -يرحمك الله- بالدعاء لصاحبك بالعفو، والمغفرة، والرحمة؛ فهذا هو الذي ينفعه.
وأما مصيره في الآخرة؛ فهو إلى الله وحده.
والله أعلم.