الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فالحديث في سنن أبي داود، ومعنى فدحس بها: الدحس إدخال اليد بين جلد الشاة وصفاقها لسلخها، كما في "عون المعبود" شرح سنن أبي داود.
ومعنى لم يتوضأ: قال الخطابي: ومعنى الوضوء في هذا الحديث غسل اليد، كما في "عون المعبود".
ولا مانع من أن يفهم من الحديث طهارة دم مأكول اللحم بعد ذكاته على افتراض إصابة دم ليده صلى الله عليه وسلم، لكن تفصيل حكم هذه المسألة مذكور في كتب أهل العلم.
فبالنسبة للدم المسفوح وهو الذي خرج عند الذكاة، فهو نجس، لقوله تعالى: أو دما مسفوحا (الأنعام: 145).
أما غيره مما يوجد في أعضاء الشاة، فهو طاهر، قال الشيخ الدردير في شرحه لمختصر خليل: ودم لم يسفح وهو الذي لم يجر بعد موجب خروجه بذكاة شرعية، وهو الباقي في العروق، وكذا ما يوجد في قلب الشاة بعد ذبحها.
وأما ما يوجد في بطنها فهو من المسفوح، فيكون نجسا، وكذا الباقي محل الذبح، لأنه من بقية الجاري. انتهى.
وبالنسبة لدم ما لا يؤكل لحمه، فبخصوص الخنزير فإن تحريمه قد نصت عليه الآية، ويدخل في ذلك دمه، والآية هي قوله تعالى: قل لا أجد في ما أوحي إلي محرما على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دما مسفوحا أو لحم خنزير فإنه رجس أو فسقا أهل لغير الله به (الأنعام: 145).
أما غير الخنزير مما لا يؤكل لحمه، فدمه نجس، قال ابن قدامة في "المغني": وإذا ذبح ما لا يؤكل لحمه كان جلده نجسا، وهذا قول الشافعي.. إلى أن قال: ابن قدامة أيضا: ولنا أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن افتراش جلود السباع وركوب النمور، وهو عام في المذكى وغيره، ولأنه ذبح لا يطهر اللحم، فلم يطهر الجلد. انتهى.
أما سبب إدخاله صلى الله عليه وسلم يده لسلخ تلك الشاة، فذلك عائد إلى حسن خلقه صلى الله عليه وسلم وحرصه على فعل الخير من إعانة مسلم وقد يكون لاحظ عجز الغلام عن السلخ، أو حصول مشقة عليه في ذلك.
والله أعلم.