عمارة الأرض والأخذ بأسباب التقدم ابتغاء وجه الله من جملة الطاعات

0 10

السؤال

هل يكون الشخص مذنبا إذا كان هدفه هو العبادة فقط، ويضع مجهوده في الأعمال التي ترفع من درجاته في الآخرة.
لكن على الجانب الآخر لا يهتم بالدنيا من ناحية الدراسة، أو العمل، أو النجاح في الدنيا، وليس عنده أي طموح، ولا يرغب في تحقيق أي شيء. وطموحه شبه منعدم تجاه هذه الأشياء، ولا يسعى لها إلا مضطرا، ولتحصيل ما يكفي حاجته فقط، لكنه لا يهتم بأن يكون ناجحا، أو صاحب مكانة عالية، أو أن يكون غنيا، ولا يبذل مجهودا كافيا في هذه الأشياء.
فهل يكون مذنبا؟
أعرف أن العمل عبادة، وأنا لا أقول إنني لن أعمل، أنا فقط غير مهتم بهذه الأشياء، ولا أبذل فيها مجهودا كافيا، وليس عندي أي طموح تجاه هذه الأشياء.
فهل أنا مذنب؟ أو هذا عيب في الشخصية يحتاج للتغيير؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد: 

 فأما أن الشخص يكون مذنبا بذلك، فلا، فإن الشخص لا يكون مذنبا مستحقا للعقاب إلا إذا ترك واجبا، أو فعل محرما. فما دام يفعل الواجبات، ويترك المحرمات، ومن ضمن تلك الواجبات: التكسب لنفسه وعياله بحيث يكفيهم المؤنة.

وإن لم يسع لتحصيل حظ من الغنى ونحو ذلك، فهو غير آثم.

وأما من حيث النصيحة المبذولة لهذا الشخص: فليعلم أن الله يحب معالي الأمور وأشرافها، ويكره سفسافها، وأن الله -تعالى- أمرنا باستباق الخيرات، كما قال تعالى: فاستبقوا الخيرات {البقرة:148}.

وليعلم أن الدنيا مزرعة الآخرة، ونحن وإن كنا مأمورين بعدم تقديمها على الآخرة، ومحذرين من جعلها أكبر الهم ومبلغ العلم، فنحن كذلك مأمورون بعمارة الأرض، كما قال الله تعالى: هو أنشأكم من الأرض واستعمركم فيها {هود:61}.

فالأخذ بأسباب الرقي والتقدم، لا ينافي الدين، بل هو مما أمرنا به صيانة للدين، وحرصا على أن تكون يد المسلمين هي العليا؛ فإن اليد العليا خير من اليد السفلى بلا شك، ومن ههنا كان وجود الصناع والزراع والأطباء، وأصحاب المهن المختلفة التي لا تقوم مصالح الناس إلا بها، من الفروض الكفائية على المسلمين، فحرصهم عليها وعلى النهوض بها مع النية الصالحة، هو من جملة الطاعات التي يتقربون بها إلى الله تعالى.

ومن ثم فنحن ننصحك بأن تجتهد في دراستك وعملك، وتنوي في ذلك نية صالحة هي نفع نفسك والمسلمين، فتحصل بذلك خير الدنيا والآخرة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات