السؤال
كنت أبحث في اليومين الماضيين عن تاريخ بيت المقدس، ووجدت أثناء البحث مقالا يطعن في حادثة الإسراء والمعراج، ويقول: إن الرسول صلى الله عليه وسلم لم ير بيت المقدس، وعلل الكاتب ذلك بالكثير من الأسباب، ووجدت الإجابة عنها كلها إلا سببا واحدا، وهو أنه رغم دقة التفاصيل المذكورة في كتب السيرة، إلا أن وصف الرسول صلى الله عليه وسلم للبيت عندما سألته قريش لم يذكر في الكتب، وذكر بـ"كذا وكذا"، وكان ذلك سبب ارتداد عدد من المسلمين، فهل من رد على هذه الشبهة؟ وشكرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقصة الإسراء إلى بيت المقدس ثابتة بالوحي، قال الله تعالى: سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير {الإسراء:1}، قال ابن كثير -رحمه الله- في تفسيره: (من المسجد الحرام) وهو مسجد مكة (إلى المسجد الأقصى) وهو بيت المقدس، الذي هو إيلياء، معدن الأنبياء من لدن إبراهيم الخليل. انتهى.
ووصف النبي صلى الله عليه وسلم لبيت المقدس لقريش لما سألته، فأراه الله إياه، فوصفه؛ ثابت، فقد روى البخاري، ومسلم، من حديث جابر بن عبد الله -رضي الله عنهما- قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: لما كذبتني قريش، قمت في الحجر، فجلى الله لي بيت المقدس، فطفقت أخبرهم عن آياته -وأنا أنظر إليه-.
وكون الرواة لم يذكروا الوصف الذي ذكره؛ لأنه لا تترتب على ذكره غاية، فمن طلبوه سمعوه، وأقنعهم، وذكر لهم أدلة أخرى غير ذلك، لا يمكن أن يذكرها إلا من رآها في الحال.
وأما بيت المقدس؛ فوصفه له ليس فيه إعجاز؛ لأنه ربما سمع وصفه من غيره؛ حتى لو لم يكن رآه من قبل بعينه؛ ولذا كان الأهم هو ما ذكره مما شاهده في الطريق، وقد تثبتوا منه، وكان كما قال.
وعلى كل؛ فالمرء لا ينبغي أن يتتبع الشبه، ويسلم أذنيه وقلبه لكل ناعق، فما يذكره هؤلاء أوهن من بيت العنكبوت، لكن حينما يقرؤه من ليست لديه ثقافة شرعية، وعلم يدفع به تلك الشبه، ربما تتمكن من قلبه، وينخدع بها، ويظنها شبهة لا جواب عنها، وليس الأمر كذلك، لو ردها إلى أهل العلم، وقد قال الله تعالى: وإذا جاءهم أمر من الأمن أو الخوف أذاعوا به ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم ولولا فضل الله عليكم ورحمته لاتبعتم الشيطان إلا قليلا {النساء:83}.
والله أعلم.