السؤال
هل يجوز للمرأة طلب الطلاق بسبب الضرر النفسي الواقع عليها من سوء معاملة زوجها لها، وسوء ظنه بها، وإهانته اللفظية لها؟ وإذا طلبت المرأة الطلاق في هذه الحالة، فهل يعطيها الزوج حقوقها، وحقوق ابنها؟ كما أرجو توضيح واجب الزوج تجاه زوجته، وحقوقها المادية والمعنوية في حالة زواجهما، أو طلاقهما.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن تضررت المرأة ضررا بينا بسبب سوء معاملة زوجها لها؛ فمن حقها طلب الطلاق، كما نص على ذلك أهل العلم، قال خليل في مختصره: ولها التطليق بالضرر البين، ولو لم تشهد البينة بتكرره. انتهى. وراجعي للمزيد فتوانا: 37112.
وإذا وقع الطلاق استحقت المرأة حقوقها المادية، وسبق بيان حقوقها وحقوق أولادها في الفتوى: 8845. ولمعرفة الحقوق بين الزوجين، يمكن مطالعة الفتوى: 27662.
وننبه إلى أن من أهم مقاصد الإسلام من تشريع الزواج أن يكون سكنا للزوجين، واستقرارا للأسرة، قال تعالى: ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون {الروم:21}؛ فينبغي أن يكون هذا من الزوجين على بال، وأن يحسن كل منهما عشرة الآخر، كما أمر الله عز وجل بذلك حيث قال: ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف {البقرة:228}. ولمزيد الفائدة، تراجع الفتوى: 134877.
وقد يكون من السهل لأي من الزوجين المصير للطلاق، وفي الوقت ذاته يصعب تحمل تبعاته، وخاصة على الأولاد؛ فقد يكونون ضمن ضحاياه؛ ولذلك ذهب بعض العلماء إلى أن الأصل فيه الحظر، وأنه أبيح للحاجة، قال شيخ الإسلام ابن تيمية: الأصل في الطلاق الحظر، وإنما أبيح منه قدر الحاجة. اهـ.
وقال ابن عابدين في حاشيته: الطلاق الأصل فيه الحظر، بمعنى: أنه محظور، إلا لعارض يبيحه، وهو معنى قولهم: الأصل فيه الحظر، والإباحة للحاجة إلى الخلاص.
فإذا كان بلا سبب أصلا، لم يكن فيه حاجة إلى الخلاص، بل يكون حمقا، وسفاهة رأي، ومجرد كفران النعمة، وإخلاص الإيذاء بها، وبأهلها، وأولادها؛ ولهذا قالوا: إن سببه الحاجة إلى الخلاص عند تباين الأخلاق، وعروض البغضاء الموجبة عدم إقامة حدود الله تعالى ... فحيث تجرد عن الحاجة المبيحة له شرعا، يبقى على أصله من الحظر؛ ولهذا قال تعالى: {فإن أطعنكم فلا تبغوا عليهن سبيلا} [النساء:34]، أي: لا تطلبوا الفراق. اهـ.
ومن هنا ينبغي التريث فيه، وتحري الإصلاح ما أمكن، قال الله سبحانه: وإن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا والصلح خير {النساء:128}.
والله أعلم.