من وضع له أبوه مالًا في البنك وكان يزكّيه دون نية الولد ثم سلّمه له بعد البلوغ

0 17

السؤال

فتح لي أبي حسابا في البنك منذ صغري، ووضع فيه مالا، وسلمني إياه عند بلوغي الثامنة عشرة، وهذا يعني أن الزكاة كانت تجب علي منذ سنين عديدة، وعندما سألت أهلي أخبروني أن أبي كان يخرج الزكاة عني وعن إخوتي طيلة هذه السنين، لكني لم أكن أعرف بذلك، ولم أكن أنوي، فهل تجب النية في هذه الحالة؟ وماذا يجب علي أن أفعل الآن؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فإن الزكاة في مال الصبي واجبة عند جمهور العلماء، كما تجب في مال البالغ العاقل، إذا بلغ النصاب، وحال عليه الحول وهو كذلك.

والمخاطب بإخراج زكاة الصبي هو الولي.

وما فعله أبوك كان هو الصواب؛ بصفة ولايته عليك، ومن ثم؛ فلا يشترط عندما أخرج زكاة مالك علمك، ولا نيتك، قال ابن قدامة في المغني: فأما الحر المسلم إذا ملك نصابا خاليا عن دين؛ فعليه الزكاة عند تمام حوله؛ سواء كان كبيرا، أو صغيرا، أو عاقلا، أو مجنونا، إلى أن قال: إذا تقرر هذا؛ فإن الولي يخرجها عنهما من مالهما؛ لأنها زكاة واجبة؛ فوجب إخراجها، كزكاة البالغ العاقل، والولي يقوم مقامه في أداء ما عليه، ولأنها حق واجب على الصبي، والمجنون؛ فكان على الولي أداؤه عنهما، كنفقة أقاربه، وتعتبر نية الولي في الإخراج، كما تعتبر النية من رب المال. انتهى.

وقال النووي في المجموع: فالزكاة عندنا واجبة في مال الصبي، والمجنون بلا خلاف، ويجب على الولي إخراجها من مالهما، كما يخرج من مالهما غرامة المتلفات، ونفقة الأقارب، وغير ذلك من الحقوق المتوجهة إليهما، فإن لم يخرج الولي الزكاة؛ وجب على الصبي والمجنون بعد البلوغ والإفاقة إخراج زكاة ما مضى باتفاق الأصحاب؛ لأن الحق توجه إلى مالهما، لكن الولي عصى بالتأخير؛ فلا يسقط ما توجه إليهما، إلى أن قال: فرع: في مذاهبهم في مال الصبي والمجنون, ذكرنا أن مذهبنا وجوبها في مالهما, وبه قال الجمهور. انتهى.

وبناء عليه؛ فهذا المال الذي أودعه والدك في حسابك، إن كان على سبيل الهبة لك، وأدى زكاته عنك قبل بلوغك، فيجزئ ذلك عنك.

وأما بعد البلوغ؛ فلا يصح أداؤه للزكاة عنك دون إذنك، كما بينا في الفتوى: 28168.

لكن إن كنت لم تتمكني من التصرف في المال إلا بعد بلوغ الثامنة عشرة، ولا تستطيعين التصرف فيه قبل ذلك، ولا سبيل لك إليه؛ ففي كيفية زكاته خلاف، بيناه في الفتويين: 29749، 68290.

ورجحنا في الفتوى الأولى مذهب مالك، وهو: أنه تجب زكاته عند قبضه لسنة واحدة.

وإذا كان كذلك؛ فعليك أداء زكاة ذلك المال عن حول واحد بعد تمكنك من التصرف فيه، ولا تطالبين بأداء الزكاة عما قبل ذلك. 

وعلى فرض بقاء المال على ذمة أبيك، وأنه لم يهبك إياه إلا بعد بلوغك السن المذكورة؛ فلا شيء عليك فيه، وإنما تستقبلين به حولا، فإذا حال الحول على المال عندك -وهو بالغ النصاب-؛ فعليك أداء زكاته. والنصاب هو ما يعادل قيمة 85 جراما من الذهب، والواجب فيه هو ربع العشر.

وإذا كان المال مودعا في حساب ببنك ربوي؛ فيجب عليك سحبه، ويمكنك استثماره ببنك إسلامي تنضبط معاملاته بالضوابط الشرعية.

والفوائد الربوية المترتبة على إيداع المال بالبنك الربوي، يجب التخلص منها؛ بدفعها للفقراء والمساكين، أو في مصالح المسلمين العامة، ولا تجب فيها الزكاة؛ لأنها مال محرم غير مملوك لمن هو بيده، بل يتخلص منه على نحو ما بينا.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة