السؤال
من فضلكم: سيدة، رغبة منها في دوام جمع شمل الأسرة لوقت طويل، تسأل عن مدى حلية أمر تمليك البيت العائلي لبناتها؛ لأنها تحس بأن بناتها هن الأكثر حرصا على لم الشمل، وبقاء أثر الأبوين دون أن يفرق.
هذا مع العلم أن الأسرة يسرت لأولادها مشاريع مدرة للدخل، والأولاد كما البنات متزوجون، ولهم أبناء.
بارك الله فيكم، وفي علمكم.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فتفضيل بعض الأولاد على بعض في العطية لا يجوز. إذ الواجب العدل بين الأولاد في العطايا، والهبات على ما نرجحه من كلام الفقهاء.
قال ابن قدامة في المغني: يجب على الإنسان التسوية بين أولاده في العطية إذا لم يختص أحدهم بمعنى يبيح التفضيل، فإن خص بعضهم بعطيته، أو فاضل بينهم فيها؛ أثم، ووجبت عليه التسوية بأحد أمرين: إما رد ما فضل به البعض، وإما إتمام نصيب الآخر.... اهـ.
ودليل وجوب العدل بينهم ما رواه البخاري ومسلم عن النعمان بن بشير -رضي الله عنهما- قال: أعطاني أبي عطية، فقالت عمرة بنت رواحة -رضي الله عنها-: لا أرضى حتى تشهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأتى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقال: إني أعطيت ابني من عمرة بنت رواحة عطية، فأمرتني أن أشهدك يا رسول الله، قال: أعطيت سائر ولدك مثل هذا؟ قال: لا. قال: فاتقوا الله، واعدلوا بين أولادكم. وفي رواية: فلا تشهدني إذا، فإني لا أشهد على جور.
فقد أمر بالعدل، والأصل في الأمر الوجوب، وسماه جورا، والجور محرم، فدل ذلك على وجوب العدل بينهم.
إذن المفاضلة لا تجوز لغير مسوغ شرعي، ومجرد البر ليس مسوغا للتفضيل. ولكن من حق هؤلاء البنات الهبة لهن كما وهب الأبناء فيما سبق.
وهل تكون الهبة بالتسوية بينهم في ذلك للذكر مثل حظ الأنثى، أم يعطى الذكر مثل حظ الأنثيين كالميراث، في هذه المسألة خلاف، ونحن نميل إلى القول بإعطاء الذكر مثل الأنثى، للحديث الذي رواه الطبراني والبيهقي عن ابن عباس -رضي الله عنهما- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: سووا بين أولادكم في العطية، فلو كنت مفضلا أحدا لفضلت النساء. قال الحافظ في الفتح: إسناده حسن.
والله أعلم.