السؤال
طلقت زوجتي منذ سنوات طلقة أولى، ثم حصل خلاف بيني وبين زوجتي منذ بضعة أشهر، فهددتها بالطلاق إن خرجت بقصد منعها من الخروج، وحين حضر أخوها قلت له نفس الكلام، ولكنهما خرجا، وقام بنقلها بالسيارة.
وبعد يومين أعدتها إلى البيت بعد إصلاح أحد الأقارب، والآن حصل طلاق، وعندما أردت إرجاعها أخبرني أخوها بأنني طلقتها ثلاث طلقات. قلت له: أنا طلقت مرتين فقط. قال: لا، أنت طلقت المرة السابقة أمامي، وأشهد على ذلك، وأقسم الإيمان المغلظة أني عندما ركبت السيارة أني قلت: خلاص طالق. علما أنني لا أذكر ذلك الطلاق، ولا أعلم هل أنا تلفظت به أم لا؟ أم قلته من شدة الغضب، ولا أدري هل قلته غير قاصد، لا أتذكر أي شيء من هذا أبدا.
علما أن زوجتي لم تسمع أني طلقتها، حتى بعد عودتها، لم تذكر لي شيئا عن الطلاق. أفيدوني هل يلزمني الأخذ بقول أخيها أم لا؟
جزاكم الله خير الجزاء.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالطلاق المعلق على شرط، بقصد التهديد، أو التأكيد، وليس بقصد إيقاع الطلاق؛ مختلف في حكمه؛ فالجمهور يرون وقوعه، وهو المفتى به عندنا، وبعض أهل العلم كشيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله- لا يرى وقوعه، ولكن يرى أن على الحانث فيه كفارة يمين، وراجع الفتوى: 11592.
أما الطلاق الصريح المنجز؛ فيقع سواء نوى به الزوج الطلاق، أو نوى التهديد.
وعليه؛ فإن كنت تلفظت بصريح الطلاق في المرة الثانية؛ فقد استكملت ثلاث تطليقات؛ وبانت منك زوجتك بينونة كبرى.
وإذا كنت شاكا في تلفظك بصريح الطلاق؛ فلا يقع الطلاق مع الشك. قال المجد ابن تيمية -رحمه الله- في المحرر: إذا شك في الطلاق، أو في شرطه؛ بني على يقين النكاح. انتهى
لكن إذا غلب على ظنك صدق من أخبرك بتلفظك بصريح الطلاق؛ فقد نص كثير من أهل العلم؛ على العمل بغلبة الظن في الطلاق.
قال ابن نجيم -رحمه الله- في الأشباه والنظائر: وصرحوا في الطلاق بأنه إذا ظن الوقوع لم يقع، وإذا غلب على ظنه وقع. انتهى.
وجاء في شرح مختصر خليل للخرشي: وفهم من قوله إن شك أن الظن ليس كذلك، فمن ظن أنه طلق فهو كمن تيقن ذلك. انتهى.
وقال النووي -رحمه الله- في روضة الطالبين: الطلاق لا يقع بالشك، مسلم، لكن يقع بالظن الغالب. انتهى.
جاء في الفتاوى الفقهية الكبرى للهيتمي -رحمه الله- (باختصار): وسئل عن شخص أخبرته امرأة أو امرأتان وقع في قلبه صدقها أو صدقهما بأنه طلق زوجاته لكن لم يتذكر ذلك .........(فأجاب) بقوله: لا يلزمه فراق بمجرد الإخبار المذكور؛ إلا إذا وقع في قلبه صدق المخبر.....انتهى.
والأولى في مثل هذه المسائل أن تعرض مباشرة على من تمكن مشافهته من أهل العلم الموثوق بدينهم وعلمهم.
والله أعلم.