السؤال
جاء في صحيح مسلم من حديث عبد الله بن عمرو، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: فصم صوم داود -نبي الله -صلى الله عليه وسلم-، فإنه كان أعبد الناس.
ومن القطعي: تفضيل نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- على سائر الكونين؛ فهل نقول إن قوله -صلى الله عليه وسلم-: أعبد الناس عام، لكنه -صلى الله عليه وسلم- مستثنى منه؟ أو هو باعتبار الناس في زمان داود -عليه السلام-؟ أو هو على ظاهره، ولا يعارض هذا تفضيل النبي -صلى الله عليه وسلم- على سائر الخلق، وأنه أعبدهم لله، وأخشاهم له؟ أو نقول: نبينا -صلى الله عليه وسلم- أفضل الخلق وأعبدهم، وداود -عليه السلام- أعبد الناس، كما جاء في الحديث، ونمره، ولا نفصل؟
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا شك أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- هو أعبد الناس لربه على الإطلاق، وأفضلهم كذلك، قال ابن الأثير في أسد الغابة: كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أعبد الناس، قام في الصلاة حتى تفطرت قدماه، وكان أزهد الناس لا يجد في أكثر الأوقات ما يأكل، وكان فراشه محشوا ليفا، وربما كان كساء من شعر. اهــ.
وقال أبو العباس القسطلاني القتيبي في المواهب اللدنية: نبينا- صلى الله عليه وسلم- بالإجماع- أعبد الناس. اهــ.
ولا يتعارض هذا مع ما جاء من وصف داود عليه السلام بأنه أعبد الناس لأن المقصود أنه أعبد أهل زمانه، أو أنه من أعبد الناس، كما جاء في بعض روايات الحديث، فقد جاء الحديث في مستخرج أبي نعيم على صحيح مسلم بلفظ: صم صوم داود فإنه كان من أعبد الناس.
جاء في الكوكب الوهاج شرح صحيح مسلم: (كان أعبد الناس) لربه أي أكثرهم عبادة لربه أي في زمانه، أو المراد من أعبد الناس. اهــ.
وقال الصديقي الشافعي في دليل الفالحين: فصم صوم داود، فإنه كان أعبد الناس) أي: غير النبي؛ إذ المتكلم لا يدخل في عموم كلامه. اهــ.
والله أعلم.