السؤال
أنا طبيبة بيطرية، عملت مشروعا بعد التخرج، وجيراني غير متعلمين، ويريدون مني أن أوقف المشروع؛ ليأخذوه هم، ويبعثون إلي أناسا تابعين لهم، ليتعرفوا إلى العلاج ويأخذوا المعلومات، ويضايقونني، وهؤلاء الجيران قاعدون في الشارع، ويمنعون أي أحد يأتي إلي، ويهددونني بأنهم سينتقمون مني لو أبلغت عنهم، ويبعثون لي مشعوذين إلى البيت، وهذا الكلام منذ ثلاث سنين، وقد كتبت لأحدهم دواء ساما للدواجن؛ ليظهر للناس أنه فاشل، لكن زملائي قالوا لي: إن هذا حرام، وإنها أرواح؛ فاتصلت به، وقلت له: الدواء سام، وهذا لأنك تنقل الكلام لهؤلاء الناس، وكان قد وضع الدواء منذ ثلاث ساعات، وقد تناوله الدجاج، وماتت اثنتان، فكيف أكفر عن ذنبي؟ وكيف أتعامل مع هؤلاء الناس؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فتوبي إلى الله تعالى، واستغفريه من هذا الذنب.
وعوضي المتضرر عن ضرره؛ بضمان قيمة التلف الذي وقع في الدجاج بموت، أو مرض، قال ابن القيم في إعلام الموقعين: كل من أتلف مال غيره بمباشرة، أو سبب؛ فإنه يضمنه ولا بد. اهـ. وانظري الفتاوى: 9215، 3582، 125496.
وأما التعامل مع الجار المسيء، فيكون أولا بالصبر، ودفع السيئة بالحسنة، كما قال تعالى: ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم * وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم * وإما ينزغنك من الشيطان نزغ فاستعذ بالله إنه هو السميع العليم {فصلت:34-36}، قال ابن كثير: أي: إذا أحسنت إلى من أساء إليك، قادته تلك الحسنة إليه إلى مصافاتك، ومحبتك، والحنو عليك؛ حتى يصير كأنه ولي لك حميم، أي: قريب إليك من الشفقة عليك، والإحسان إليك، ثم قال: {وما يلقاها إلا الذين صبروا} أي: وما يقبل هذه الوصية ويعمل بها إلا من صبر على ذلك؛ فإنه يشق على النفوس، {وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم} أي: ذو نصيب وافر من السعادة في الدنيا، والأخرى. اهـ. وانظري الفتوى: 110490.
فإن لم يتيسر ذلك، أو تمادى الجار في أذيته، ولم يمكن كف أذاه عن طريق الوسطاء والوجهاء، ولا إبلاغ السلطات؛ فإن الله تعالى يجيب دعوة المضطر إذا دعاه ويكشف السوء، وينصر دعوة المظلوم.
ثم على المرء حينئذ أن يوازن بين الضرر الواقع عليه، وبين الضرر المحتمل إذا انتقل إلى مكان آخر خال من هذه الأذية.
والله أعلم.