السؤال
بخصوص الفتوى: 138174، لم يتضح لي الأمر؛ لأنكم قلتم: "فالأمر خطير، والخطب شديد، وهو أغلظ من عموم الكذب، ولكنه لا يصل إلى الكفر".
وبعد ذلك قلتم: "ثم ينبغي عند الحكم بالكفر على قائل ذلك كاذبا، أن يقيد بعلم القائل بلازم قوله من نسبة الجهل لله تعالى، أو أن يعلم أن هذا القول كفر، ثم يتعمد قوله"، فما الراجح عندكم؟
السؤال باختصار هو: لو قال قائل: يعلم الله كذا، وهو غير متأكد، أو شاك، أو كاذب فيما يقول، مع العلم بلازم قوله من نسبة الجهل إلى الله تعالى، لكنه لا يقصد هذا اللازم، فهل يكفر؟ وهل يكفر من تكلم بما يخالف الشرع، كقول شخص: تفكرت بدماغي، مع علمه بخطأ هذا القول؛ لأن العقل في القلب؟ جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإننا لما ذكرنا في الفتوى: 138174 خلاف أهل العلم في حكم من قال: (يعلم الله كذا، وهو كاذب)، ورجحنا أنه لا يكفر.
عقبنا بأن من يرجح القول المرجوح عندنا -وهو الحكم بالكفر-؛ فإنه ينبغي له أن يقيد ذلك بعلم القائل بلازم قوله من نسبة الجهل لله تعالى، أو أن يعلم أن هذا القول كفر، ثم يتعمد قوله؛ فهذا القيد نلزم به من يرجح كفر من قال ذلك. وأما نحن، فرجحنا أنه لا يكفر.
وعلى ذلك؛ فجواب سؤال السائل هو: أن من لا يقصد هذا اللازم، لا يكفر.
وكذلك لا يكفر من تكلم بما يخالف الشرع، إلا إذا اعتقد خطأ الحكم الشرعي، أو كذبه، بعد علمه بكونه حكم الله تعالى، وكلامه، بمعنى أنه يكذب الله تعالى، ويخطئ كلامه؛ فهذا هو الكفر.
ومع ذلك؛ فالمثال الذي ذكره السائل بقوله: (تفكرت بدماغي، مع علمه بخطأ هذا القول؛ لأن العقل في القلب) غير مسلم. والتفصيل في هذا الأمر محل خلاف بين أهل العلم. والذي يظهر لنا أن: مبدأ الفكر والنظر في الدماغ، ومبدأ الإرادة في القلب، وراجع في ذلك الفتوى: 184759، وما أحيل عليه فيها.
والله أعلم.