السؤال
جزاكم الله خيرا على مجهوداتكم.
أنا فتاة في العشرينات من عمري، غير متزوجة، أدرس في مدرسة للهندسة، وأحس أني غير مرتاحة في دراستي، فيمكنني أن أفهم كثيرا مما أدرسه -ولله الحمد-، ولكني أحس أني أكذب على نفسي، وأني لا أدرس لطلب العلم، بل أدرس لأحصل على وظيفة، وأمي تنتظر مني هذا الأمر، وتقول لي ما معناه أن أعوضها عن تعبها، ولكني أريد أن أقر في البيت، وأكون مسلمة حقيقية، أقوم بما يجعلني قريبة من الله سبحانه وتعالى، أحلم أن أكون زوجة صالحة، وأما صالحة، ولا أضطر للخروج للعمل خارج البيت؛ لأني لا أرتاح عندما أمر أمام غير محارمي، وأحس بالإثم.
كما أني أمقت الغيبة مقتا شديدا، وإذا كنت بين أقاربي أحاول أن أنهى عن هذا السوء، وأحيانا لا ينطلق لساني، فأرجع إلى الشخص الذي اغتاب، وأحاول أن أنصحه، أو أدافع عن الشخص الذي اغتابه، وهكذا.
وذات يوم صرخ علي أحد أقاربي، وقال لي: أغلقي أذنيك إذا كنت لا تريدين سماعي، أو أغلقي عليك غرفتك، وهذا التصرف من الأقربين، فماذا أنتظر من الأبعدين الذين لا أعرف طباعهم!؟
وقد كنت اليوم في الحافلة عائدة من المدرسة، وإذا بفتاة تخطئ في ركوبها للحافلة التي أنا بها، وعندما أدركت خطأها نزلت، لكن سائق الحافلة تركها حتى نزلت، وقال ما معناه بغلظة: إن الإنسان لا ينتبه، فقلت في نفسي: إن هذه ليست غيبة؛ لأنه يمكن أن يقول هذا الكلام في وجهها، ولكنه تابع كلامه، وقال صفة ما لم أسمعها، لكني أحسست أنها من الغيبة، وهو رجل من غير المحارم، فماذا عساي أن أقول، والحافلة بها رجال كثر، ولم يتحدث معه رجل قط؟ وأنا أكتم الألم في قلبي؛ حتى إني بكيت؛ لأني لا أريد حمل وزر شخص ما.
وهذا الأمر يتكرر، فذات يوم وأنا في الحافلة أيضا كان هناك شخص أصم، كان مسجونا لسنين كثيرة، وكان يحكي أن والديه توفيا وهو في السجن، وبدأ يدعو بالسوء على شخص ممن أتاهم الله سبحانه وتعالى منصبا في هذه الحياة الدنيا، ولعله فعل ذلك بسبب ما مر به من معاناة، ولكن هذا في نهاية الأمر غيبة، فماذا كان عساي أن أصنع حينئذ؟ فقد كان هناك رجال كثر معي في الحافلة، والسائق يقول له: لا تزعج الناس، ومن الراكبين من يقول: دعه يشكو، وهناك مواقف كثيرة أخرى، كانتقاد الطلبة للأساتذة، وغيرها، فماذا أصنع، وأنا لا أريد التحدث مع غير المحارم؟ وأحيانا تكون المتحدثة فتاة، ولكن من الواضح جدا أنها لن تقبل نصحي لها، فهل انصرافي من المجلس كاف؟