التغير المفاجئ في سلوك الزوجة ورفضها الصلح وطلب الطلاق

0 25

السؤال

أنا متزوج منذ اثني عشر عاما، ولدي ثلاث بنات، أحبهن، ومتعلق بهن بشدة، وقد تزوجت عن حب، وما زلت أحب زوجتي حبا شديدا، وحدثت مشكلة بيننا أدت إلى التطاول بالأيدي، والألفاظ بيننا، وهذه أول مرة منذ زواجنا يحدث مثل هذا الأمر، وتركت البيت لتهدأ الأمور، غير أن زوجتي تطلب الطلاق، ولا تتنازل عن طلبها.
ذهبت إليها لأستسمحها، وأعتذر مما حدث، ولكنها لا تريد الصلح، وكررت المحاولة مرة أخرى دون أي جدوى، وأدخلت أحد الأشخاص للصلح بيننا، واتفقنا مع إخوتها على الصلح، ولكنها ترفض رفضا غريبا، وتطلب الطلاق، ومستمرة على طلبها.
وأنا أحلم بأحلام مزعجة جدا منذ تلك المشكلة؛ فتحدثت مع أحد الشيوخ الثقات، وأخبرني أنه من الممكن أن يكون هناك حسد، أو سحر؛ للتفريق بيننا، وحاولت أن أقنع زوجتي بهذا الأمر، ولكن دون جدوى أيضا، فماذا أفعل معها؛ فأنا باق على العشرة، وعلى الأولاد، ولا أرغب في طلاقها؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فإننا لا نحبذ المسارعة لاعتبار السحر، ونحوه السبب لحدوث المشاكل الزوجية، ولكن إن كان هنالك تغير مفاجئ في سلوك الزوج، أو سلوك الزوجة؛ فإن هذا يمكن أن يغلب معه الظن بأن السحر، أو غيره سبب في حدوث هذه المشاكل، والحل في هذه الحالة ميسور، وهو الرقية الشرعية، ويمكن أن تراجع فيها الفتوى: 4310، والفتوى: 5252.

 وحدوث المشاكل في الحياة الزوجية مما قد يقع كثيرا، ولكن أن يصل الأمر إلى السب، أو الضرب بين الزوجين؛ فهذا لا يقبل منهما؛ لأنه يتنافى مع ما أمر به الزوجان من حسن العشرة، والتعامل بينهما، قال تعالى: ولهن مثل الذي عليهن بالمعروف {البقرة:228}.

 وقد أحسنت باعتذارك لزوجتك، والسعي في الصلح، والصلح خير، كما نبه على ذلك القرآن الكريم؛ فلا ينبغي لزوجتك رفضه.

ونوصيك بمواصلة السعي فيه، وتوسيط العقلاء من أهلك، وأهل زوجتك.

فإن تيسر ذلك، وأمكن لم شمل الأسرة؛ فالحمد لله، وإلا فقد يكون الأفضل أن تفارقها، إذا لم يمكن الصلح بعد بذل الوسع، وخشيت سوء العشرة؛ فإن العشرة إذا ساءت؛ ترجحت مصلحة الطلاق، قال ابن قدامة في المغني: فإنه ربما فسدت الحال بين الزوجين؛ فيصير بقاء النكاح مفسدة محضة، وضررا مجردا، بإلزام الزوج النفقة، والسكنى، وحبس المرأة، مع سوء العشرة، والخصومة الدائمة من غير فائدة؛ فاقتضى ذلك شرع ما يزيل النكاح؛ لتزول المفسدة الحاصلة منه. اهـ.

 وقال ابن القيم في زاد المعاد: قد يكون الطلاق من أكبر النعم التي يفك بها المطلق الغل من عنقه، والقيد من رجله؛ فليس كل طلاق نقمة، بل من تمام نعمة الله على عباده أن مكنهم من المفارقة بالطلاق، إذا أراد أحدهم استبدال زوج مكان زوج. اهـ.

والمرجو بعد الفراق -إن وقع- أن يغني الله سبحانه كلا منكما من فضله؛ فهو القائل: وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته وكان الله واسعا حكيما {النساء:130}، قال القرطبي في تفسيره: أي: وإن لم يصطلحا بل تفرقا، فليحسنا ظنهما بالله، فقد يقيض للرجل امرأة تقر بها عينه، وللمرأة من يوسع عليها. اهـ.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات