السؤال
أريد الاستفتاء حول تبادل العملات المختلفة، فمثلا: نحن في بلدنا إذا دخلتك أموال من عمل عبر الإنترنت، لا يمكنك استخراج تلك الأموال (في حساب بايسيرا)، فإنك تذهب إلى موقع الفيس بوك، وترسل الأموال من حسابك إلى حساب شخص موثوق، زكي من عدد من المتعاملين في مجال المعاملات المالية، وهو يرسل لك بالدينار الجزائري، ويمكن أن يكون العكس، ترسل له الدينار، ويرسل لك اليورو في حسابك، وقد يأخذ ما بين إرسالك وإرساله بعض الوقت -كساعة، أو ساعتين من الزمن-، وعندما تسأله بكم تبيع اليورو ، يعطيك القيمة، فهل التعامل بتبادل العملات بهذه الطريقة لا يعتبر ربا؛ لأنه يفتقد لشرط (يدا بيد)؟ جزاكم الله عنا وعن المسلمين خيرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فحصول التقابض في مجلس العقد شرط متفق عليه لصحة الصرف، قال ابن المنذر في الإشراف على مذاهب العلماء: أجمع كل من أحفظ عنه من أهل العلم على أن المتصارفين إذا افترقا قبل أن يتقابضا، أن الصرف فاسد. اهـ.
وهذا يسري على الصرف الذي يجري بوسائل الاتصال الحديثة عن طريق الإنترنت، جاء في المعايير الشرعية التي وضعتها هيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية، في المعيار رقم: (1) المتعلق بالمتاجرة في العملات: التعاقد بوسائل الاتصال الحديثة بين طرفين في مكانين متباعدين؛ تنشأ عنه نفس الآثار المترتبة على إجراء العقد في مكان واحد. اهـ.
وجاء في المعيار رقم: (38) المتعلق بشأن التعاملات المالية بالإنترنت (ص962):
- إبرام العقد باستخدام المحادثة الصوتية، أو المحادثة بالصوت والصورة بين المتعاقدين عبر الإنترنت؛ يأخذ أحكام التعاقد بين حاضرين.
وعليه؛ فإنه تسري عليه جميع أحكام التعاقد بين حاضرين، كاشتراط اتحاد المجلس، وعدم صدور ما يدل على إعراض أحد العاقدين عن التعاقد، والموالاة بين الإيجاب والقبول، بحسب العرف، وما إلى ذلك من أحكام.
...
- يتحقق القبض شرعا في العقود المبرمة بالإنترنت بكل الوسائل المتعارف عليها في القبض الحقيقي، أو الحكمي ... يجب التحقق من حصول القبض الفوري حقيقة، أو حكما في مجلس العقد للبدلين في بيع العملات، والذهب، والفضة، وما يجب فيه التقابض. اهـ.
وعلى ذلك؛ فالمعاملة التي تتم بينك وبين الطرف الثاني هي مصارفة؛ لأنك تشتري منه عملة مغايرة للعملة التي تدفع إليه.
ولذا؛ فلا بد من تحقق تلك الضوابط المذكورة في معيار بيع العملات، ومن أهمها: حصول التقابض -ولو حكما-، وقد ذكرت أنه: (قد يأخذ ما بين إرسالك وإرساله بعض الوقت) إذا كان المقصود بذلك أنك تسلمه المبلغ ثم لا يسلمك المبلغ الذي اشتريته منه إلا بعد ساعات؛ فلا يصح ذلك إلا إذا كان هذا التأخير لا بد منه في المعاملة، ولا سبيل إلى تحويل الأموال إلا بتلك الطريقة، فيتسامح فيما تدعو إليه الحاجة من التأخير حينئذ؛ فالأمر إذا ضاق اتسع، وإذا اتسع ضاق، كما جاء في القواعد الفقهية.
مع التنبيه على أن القبض الحكمي يحصل بمجرد تحويلك للمبلغ في حسابه، وتحويله للمبلغ في حسابك، وتأخر وصول أحدهما فعليا مما يغتفر، وفق ما جاء في قرار مجمع الفقه الإسلامي: يغتفر تأخير القيد المصرفي بالصورة التي يتمكن المستفيد بها من التسلم الفعلي للمدد المتعارف عليها في أسواق التعامل، على أنه لا يجوز للمستفيد أن يتصرف في العملة خلال المدة المغتفرة إلا بعد أن يحصل أثر القيد المصرفي بإمكان التسلم الفعلي. انتهى.
وللفائدة، انظر الفتوى: 416803.
والله أعلم.