السؤال
قال تعالى: (ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها) فسر بعض المفسرين هذا الاستثناء بأنه الوجه والكفان، وقال آخرون: إنه الظاهر من الثياب، فما الراجح؟ وإن كان المقصود هو الظاهر من الثياب، فقد يفهم من هذا عدم وجوب لبس العباءة، إذا كان لباس المرأة واسعا لا يصف، ولا يشف، فما قولكم في هذا؟ وقد اشترط أهل العلم أن لا يكون الحجاب زينة في نفسه، ألا يناقض هذا القول ما ورد في الآية السابقة من الاستثناء؟ بارك الله فيكم.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالمستثنى في الآية الكريمة بقوله تعالى: ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها {النور:31}، محل خلاف مشهور بين أهل العلم، والمرجح عندنا أنه ظاهر الثياب، وأن الوجه والكفين لا يجوز إظهارهما للرجال الأجانب، وراجع الفتوى: 4470.
والواجب على المرأة لبس ما يستر بدنها عن الأجانب؛ ولا يشترط لبس العباءة، أو غيرها من أنواع الثياب، ويجوز لها لبس ما يحقق الستر المطلوب -عباءة كان، أو خمارا، أو غيره-، وانظر الفتوى: 396262، والفتوى: 6745.
واشتراط أهل العلم في الثوب الساتر لبدن المرأة ألا يكون زينة في نفسه؛ لا يناقض القول بأن الزينة الظاهرة هي ظاهر الثياب؛ فإن الثياب تسمى زينة، ولو لم يكن فيها ما يلفت الأنظار، جاء في تفسير البغوي -رحمه الله-: اختلف أهل العلم في هذه الزينة الظاهرة التي استثناها الله تعالى، قال سعيد بن جبير، والضحاك، والأوزاعي: هو الوجه والكفان. وقال ابن مسعود: هي الثياب؛ بدليل قوله تعالى: خذوا زينتكم عند كل مسجد [الأعراف:31]، وأراد بها الثياب. انتهى.
أما أن يكون الثوب مزينا بزينة تلفت الأنظار، وتثير الفتنة؛ فهذا مناف لمقصود الستر الذي أوجبه الله على النساء، وقد قال تعالى: ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن {النور:31}، قال الطاهر بن عاشور -رحمه الله: .. وهذا يقتضي النهي عن كل ما من شأنه أن يذكر الرجل بلهو النساء، ويثير منه إليهن من كل ما يرى، أو يسمع من زينة، أو حركة. انتهى.
وقال الألوسي -رحمه الله- في تفسيره: ثم اعلم أن عندي مما يلحق بالزينة المنهي عن إبدائها ما يلبسه أكثر مترفات النساء في زماننا فوق ثيابهن، ويتسترن به إذا خرجن من بيوتهن، وهو غطاء منسوج من حرير، ذي عدة ألوان، وفيه من النقوش الذهبية أو الفضية ما يبهر العيون، وأرى أن تمكين أزواجهن، ونحوهم لهن من الخروج بذلك، ومشيهن به بين الأجانب من قلة الغيرة. انتهى.
وقال السعدي -رحمه الله- في تفسيره: {إلا ما ظهر منها} أي: الثياب الظاهرة، التي جرت العادة بلبسها، إذا لم يكن في ذلك ما يدعو إلى الفتنة بها. انتهى.
والله أعلم.