السؤال
تزوجت ابنتي مند ستة أشهر بابن عمتها الساكن في فرنسا، وكانت العلاقة بينهما جيدة، ومند عشرين يوما طلبت منه أمه أن يطلقها دون سبب؛ فاستجاب لوالدته، وقهر ابنتي، وكلمها في الهاتف -فنحن نسكن في الجزائر-، وقال لها:"je te divorce ،je te divorce ،je te divorce"، وأعادها ثلاث مرات، ويؤكدها، وقال لها: هل أنت موافقة؟ قالت له: لا، لست موافقة، ما دام لا يوجد سبب حقيقي للطلاق، فهل هذا طلاق؟ وهل يجوز أن نشكوه في العدالة بسبب سوء النية، والتعسف والتخلي عنها دون سبب؟ أرشدوني، وانصحوني من فضلكم.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كان هذا هو اللفظ الذي صدر من زوج ابنتك بأن قال لها: "أنا أطلقك"؛ فهذا اللفظ "بصيغة المضارع"، ليس صريحا في الطلاق؛ لأنه يحتمل الطلاق في الحال، أو الوعد بالطلاق في المستقبل؛ فلا يقع به الطلاق، إلا إذا قصد به الزوج إيقاعه في الحال، أو جرى العرف باستعماله في ذلك، وراجعي الفتوى: 257575.
وسؤاله زوجته إن كانت موافقة أم لا، قد يفهم منه أنه لا يريد به إيقاعه في الحال.
فلمعرفة ما يريده تحديدا؛ لا بد من الرجوع إليه هو، فإن قصد به نفاذ الطلاق؛ طلقت البنت، وافقت أو لم توافق.
ثم إن الطلاق مباح، لكنه يكره، إن لم يدع إليه سبب، ويمكن مطالعة الفتوى: 257260.
وإذا كان الطلاق مباحا، لم يكن ظالما لها بالطلاق؛ فليس من حقكم رفع شكوى ضده.
وليس من حق أمه أن تدعوه إلى طلاق زوجته لغير مسوغ شرعي، والإفساد بين الزوجين نوع من التخبيب، ورد الشرع بالنهي عنه، كما في الحديث الذي رواه أبو داود عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ليس منا من خبب امرأة على زوجها، أو عبدا على سيده.
قال شمس الحق أبادي في عون المعبود: "من خبب" ... أي: خدع وأفسد امرأة على زوجها، بأن يذكر مساوئ الزوج عند امرأته، أو محاسن أجنبي عندها.
"أو عبدا" أي: أفسده "على سيده" بأي نوع من الإفساد، وفي معناهما: إفساد الزوج على امرأته، والجارية على سيدها. اهـ.
وننبه إلى أنه مهما أمكن الإصلاح؛ فالأولى المصير إليه؛ فقد قال تعالى: والصلح خير {النساء:128}.
والله أعلم.