السؤال
ارتكبت جريمة الزنا مرات كثيرة مع عدد من الأشخاص ـ والعلاقة كانت شبه كاملة يحصل فيها قذف من الخارج دون إيلاج للعضو، فما هي الكفارة التي تلزمني؟ وكيف أعرف أن ربنا قبل توبتي؟.
ارتكبت جريمة الزنا مرات كثيرة مع عدد من الأشخاص ـ والعلاقة كانت شبه كاملة يحصل فيها قذف من الخارج دون إيلاج للعضو، فما هي الكفارة التي تلزمني؟ وكيف أعرف أن ربنا قبل توبتي؟.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فاعلمي أولا أنك إنما أتيت من قبل التساهل في التعامل مع الرجال الأجانب بتمكينهم من الخلوة بك ونحو ذلك من دواعي الفتنة، فوقعت في حبائل الشيطان وفتنته، وقد قال تعالى: يا أيها الذين آمنوا لا تتبعوا خطوات الشيطان ومن يتبع خطوات الشيطان فإنه يأمر بالفحشاء والمنكر {النور:21}.
وروى أحمد والترمذي عن عمر ـ رضي الله عنه ـ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ألا لا يخلون رجل بامرأة، إلا كان ثالثهما الشيطان.
وما قمت به وإن لم يصل إلى درجة الزنا الحقيقي بالإيلاج في الفرج، إلا أنك قد قاربته لولا لطف الله ورحمته بك، وكفارة ما فعلت التوبة النصوح بالإقلاع عن الذنب والندم على ما فات والعزم على عدم العودة إلى ذلك في المستقبل، واجتناب كل ما يمكن أن يوقعك في الفتنة مرة أخرى، وراجعي الفتوى: 96737.
ومن أهم علامات قبول التوبة حسن الحال بعدها وسلوك سبيل الاستقامة، وقد ذكر ابن القيم في مدارج السالكين جملة من هذه العلامات فقال: فالتوبة المقبولة الصحيحة لها علامات.
منها: أن يكون بعد التوبة خيرا مما كان قبلها.
ومنها: أنه لا يزال الخوف مصاحبا له لا يأمن مكر الله طرفة عين، فخوفه مستمر إلى أن يسمع قول الرسل لقبض روحه: أن لا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون {فصلت: 30} فهناك يزول الخوف.
ومنها: انخلاع قلبه، وتقطعه ندما وخوفا، وهذا على قدر عظم الجناية وصغرها، وهذا تأويل ابن عيينة لقوله تعالى: لا يزال بنيانهم الذي بنوا ريبة في قلوبهم إلا أن تقطع قلوبهم {التوبة: 110} قال: تقطعها بالتوبة، ولا ريب أن الخوف الشديد من العقوبة العظيمة يوجب انصداع القلب وانخلاعه، وهذا هو تقطعه، وهذا حقيقة التوبة، لأنه يتقطع قلبه حسرة على ما فرط منه، وخوفا من سوء عاقبته، فمن لم يتقطع قلبه في الدنيا على ما فرط حسرة وخوفا، تقطع في الآخرة إذا حقت الحقائق، وعاين ثواب المطيعين، وعقاب العاصين، فلا بد من تقطع القلب إما في الدنيا وإما في الآخرة. اهـ.
وينبغي للتائب أن يستشعر سعة رحمة الله وأنها لا يعظم معها ذنب، وأنه يغفر للمذنب ويقبل التائب، وهو القائل سبحانه: قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم {الزمر:53}.
وروى ابن ماجه عن عبد الله ابن مسعود ـ رضي الله عنه ـ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: التائب من الذنب كمن لا ذنب له.
والله أعلم.