السؤال
تزوجت من رجل متزوج دون علم زوجته الأولى، ووعدني بعدم طلاقي نهائيا في حالة معرفة الزوجة الأولى، حتى وإن حدثت بينهما مشاكل تؤدي إلى الطلاق، وقد عرفت الزوجة الأولى عن طريق الصدفة، وطلبت الطلاق، وحدثت مشاكل كثيرة، أهمها امتناع أطفاله عنه، وقد وجد الحل في طلاقي؛ ليحل مشاكله معها، مع العلم أني لم أقصر أبدا في حقوقه.
وعندما أخبرته برفضي للطلاق؛ لأني لم أفعل شيئا، وأن هذا وعد بيني وبينه، قال لي: إن أهله وأصحابه يضغطون عليه لفعل هذا الأمر؛ لإنقاذ بيته، فما حكم الشرع في الإيذاء النفسي الذي تسبب لي فيه؟ مع العلم أني مطلقة، ولدي ولدان من رجل آخر، وما حكم الشرع في عدم وفائه بوعده لي بعدم طلاقي؟ وما حكم الشرع في الأهل والأصحاب الذين رأوا أن طلاقي أنا هو ما سوف ينقذ بيته وأطفاله من الخراب؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كان زوجك قد وعدك بأن لا يطلقك؛ فينبغي له أن يفي لك بذلك؛ فالوفاء بالوعد مستحب في قول جمهور الفقهاء، كما بينا في الفتوى: 17057.
والأولى به أن يراعي مشاعرك، ولا يطلقك استجابة لضغوط زوجته الأولى أو أهله، خاصة وأنه غالبا ما يكون قد أقدم على الزواج وهو يتوقع أن يواجه مثل هذه التحديات. هذا أولا.
ثانيا: إن طلبت منه زوجته الأولى الطلاق؛ لكونه قد تزوج عليها، فليس هذا من حقها؛ فهنالك مسوغات لطلب الطلاق، سبق بيانها في الفتوى: 37112، وكذلك الحال فيما إن كانت قد منعت عنه أولاده للضغط عليه، فليس من حقها ذلك.
ثالثا: كان الأولى بأهله أن يحثوه على أن يبقيك في عصمته، ويبينوا له أنه ليس ملزما بفراقك لإرضاء زوجته الأولى، بل يبقي كلا منكما في عصمته، ويؤدي إليها حقها.
وإن رأى أهله ضعفه، وأن أمره دائر بين أن يفارق زوجته الأولى ويتضرر أولاده بذلك، وتتشتت أسرته -وهو الضرر الأعظم-، وبين أن يفارقك ليحافظ على أسرته -وهو الضرر الأخف-؛ فأشاروا عليه بفراقك لهذا السبب؛ فهذا له وجاهته.
رابعا: إن كانت نهاية المطاف أن طلقك هذا الرجل؛ فسلمي أمرك لله عز وجل، فلن يضيعك؛ فهو القائل سبحانه: وإن يتفرقا يغن الله كلا من سعته وكان الله واسعا حكيما {النساء:130}، قال القرطبي في تفسيره: أي: وإن لم يصطلحا، بل تفرقا، فليحسنا ظنهما بالله؛ فقد يقيض للرجل امرأة تقر بها عينه، وللمرأة من يوسع عليها. اهـ.
نسأل الله تعالى أن يفرج همك، وينفس كربك، ويحفظك، ويحفظ لك ولديك، وينشئهما تنشئة صالحة، ويجعلهما قرة عين لك في الدنيا والآخرة.
والله أعلم.