السؤال
يوجد شخص يبلغ ماله نصاب الزكاة، ولكنه يوزع ماله على أولاده -علما أن معظم أولاده لا يريدون، ويرفضون ذلك- بحيث يصبح كل جزء من المال غير بالغ للنصاب؛ فلا يدفع الزكاة.
فهل يجوز له ذلك على اعتبارين:
1) أن نيته التحايل، وعدم دفع الزكاة.
2) أن التحايل ليس نيته.
وهل يجوز لابنه دفعها عنه؟
ملاحظة: هذا المال يستخدم في مصاريف الأولاد، ودراستهم الجامعية.
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فاعلم أولا: أن المال البالغ النصاب، لا تجب فيه الزكاة إلا إذا حال عليه الحول بالأشهر القمرية. فإذا حال عليه الحول، وجب على مالكه إخراج الزكاة، ومقدارها ربع العشر، أي 2.5%.
فإن كنت تعني أن الشخص وهب المال لأولاده بعد أن حال عليه الحول؛ فإن الزكاة لا تسقط عنه؛ لأنها وجبت في المال، فيجب عليه إخراجها، ولا تبرأ ذمته إلا بإخراجها؛ سواء فرق المال بين أولاده بنية الفرار من الزكاة، أو بغير هذه النية.
وإن كنت تعني أنه وهب المال لأولاده قبل حلول الحول، فإن فعل هذا لا بنية الفرار من الزكاة، فإنه لا شيء عليه.
وإن فعله بنية الفرار من الزكاة؛ فقد اختلف الفقهاء في حكم هذا العمل. هل يباح؟ أو يكره؟ أو يحرم؟ وهل تسقط عنه الزكاة أم لا؟
فقال بعضهم: لا يكره التحايل، وتسقط به الزكاة. وقال بعضهم: يكره، وتسقط به الزكاة. وقال آخرون: يحرم التحايل، ولا تسقط به الزكاة.
جاء في الموسوعة الفقهية: اختلف الفقهاء في حكم التحيل لإسقاط الزكاة:
فذهب الحنفية والشافعية، إلى أن المالك إن فعل ما تسقط به الزكاة عنه، ولو بنية الفرار منها سقطت، ومثل له ابن عابدين بمن وهب النصاب قبل الحول بيوم، ثم رجع في هبته بعد الحول، وكذا لو وهبه أثناء الحول ثم رجع أثناء الحول؛ لانقطاع الحول بذلك، وكذا لو وهب النصاب لابنه. أو استبدل نصاب السائمة بآخر.
ثم قال أبو يوسف: لا يكره ذلك؛ لأنه امتناع عن الوجوب، لا إبطال لحق الغير، وقال محمد: يكره؛ لأن فيه إضرارا بالفقراء، وإبطال حقهم مآلا. والفتوى على قول محمد عند الحنفية. وعند الشافعية: الفرار مكروه في المعتمد، وقال الغزالي: حرام، ولا تبرأ به الذمة في الباطن.
وذهب المالكية والحنابلة، والأوزاعي وابن الماجشون وإسحاق وأبو عبيد -وهو ما نقله القاضي ابن كج من الشافعية- إلى تحريم التحيل لإسقاط الزكاة، ولو فعل لم تسقط، كمن أبدل النصاب من الماشية بغير جنسه فرارا من الزكاة، أو أتلف، أو استهلك جزءا من النصاب عند قرب الحول. . ولو فعل ذلك في أول الحول لم تجب الزكاة؛ لأن ذلك ليس بمظنة الفرار من الزكاة.
واستدلوا بما ذكره الله -تعالى- في سورة القلم من قصة أصحاب الجنة، وقوله فيها: {فطاف عليها طائف من ربك وهم نائمون فأصبحت كالصريم}، فعاقبهم الله -تعالى- على تحيلهم لإسقاط حق الفقراء، فتؤخذ معاقبة للمحتال بنقيض قصده، قياسا على منع ميراث القاتل، وتوريث المطلقة في مرض الموت. اهــ.
وقول الحنابلة والمالكية في هذا أقوى من حيث الدليل والتعليل، فلا تسقط الزكاة عن ذلك الشخص، بل يجب عليه إخراجها.
ولو أخرجها عنه ابنه بإذنه هو فلا إشكال، ولا تخرج عنه بدون إذنه؛ لأن الزكاة عبادة من العبادات تفتقر إلى نية.
وانظر الفتوى: 377446.
والله أعلم.