كتابة المدّخرات والشقّة والسيارات للبنات والزوجة

0 28

السؤال

أكرمني الله وعينت في وظيفة في بداية حياتي التي كانت صعبة جدا، فقد توفي والدي ووالدتي، وتركا لي أخا أصغر.
بعد زواج اثنين من أشقائي وشقيقتي، أنهيت تعليما فوق المتوسط اختصارا للوقت، ولعدم القدرة على تكاليف ذلك.
وبعد أن قمت بتعليم نفسي وأخي الأصغر، تزوجت، ورزقني الله أربع بنات إحداهن تعاني من إعاقة ذهنية، فعلمت الثلاث، وتخرجت اثنتان منهن من الجامعة، وبقيت الصغيرة في المرحلة الثانوية، بالإضافة لابنتي المريضة.
تزوجت الكبرى، ورزقها الله بحفيدتي، وخطبت الثانية.
توفي شقيقي الأكبر، الذي حرم من نعمة الإنجاب، وكان نعم الأخ حسب قدرته.
وتوفيت شقيقتي، وكانت نعم الأخت، وكذا زوجها -رحمة الله عليهما-، وبقي أخي الأصغر، وأخي الأكبر -الثاني في ترتيب الأشقاء سنا-، ولكنه رزق بزوجة قطعته عنا، منذ أن كانت أمي على قيد الحياة، وعلمته الطمع فيما في يد غيره.
ولم يمد لنا يد العون يوما، بل إنه عندما توفي أخي الأكبر، ولم تكن له ذرية، ولا زوجة؛ فذهبت لأدفنه، وعدت فوجدت زوجة أخي -الطماعة- قد أخذت كل ما في الشقة قبل عودتنا من بلدتنا، بعد دفن أخي -رحمة الله عليه-.
أعيش مع زوجتي الصابرة التي تحملت ظروفنا، وقد أصبح لدينا شقة، وسيارة، ومبلغ مالي، ناتج عن وظيفتي لمدة 34 عاما، وسأبلغ سن التقاعد في منتصف فبراير القادم، ولدي تأمين، وسأحصل على مكافأة التقاعد، فهل يجوز لي كتابة شقتي وسيارتي، ومكافأة معاشي لبناتي، خصوصا التي لم تتعلم، ولم تعرف عن الدنيا شيئا؟ مع العلم أنني أوصيت مستنديا في جهة العمل بأنه في حال وفاتي في العمل، توزع مستحقاتي من العمل طبقا للشرع، وإن قمت بكتابة مدخراتي، وشقتي، وسيارتي لبناتي، وزوجتي، فهل أكون آثما؟ أفيدوني.
وأسألكم أن تدعوا لي ولأسرتي، ولعامة المسلمين بالستر في الدنيا والآخرة، وأن يتوفنا الله مسلمين، وأن يلحقنا بالصالحين، ويغفر لي ذنوبي، ويسامحني على تقصيري، وأن يكرمكم، ويبارك في علمكم.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فنسأل الله لنا ولك المغفرة، والعفو، والعافية، والستر في الدنيا والآخرة، وأن يتوفنا مسلمين، ويلحقنا بالصالحين.

واعلم أن كتابتك لأملاكك لبناتك وزوجتك؛ إن كان المقصود بها: أن يملكنها بعد موتك؛ فهذه وصية، والوصية للوارث لا تصح، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله قد أعطى كل ذي حق حقه؛ فلا وصية لوارث. رواه أبو داود. وفي رواية: إلا أن يشاء الورثة.

وأما إن كان المقصود بالكتابة: العطية في الحياة، بحيث يقبضنها، ويملكن التصرف فيها في حياتك، وحال صحتك ورشدك؛ فهذه هبة جائزة، لكن هبة الأولاد تجب فيها التسوية بينهم، على القول الراجح عندنا؛ إلا إذا فضلت البنت المريضة في العطية بسبب مرضها؛ فهذا جائز، قال ابن قدامة -رحمه الله- في المغني: فإن خص بعضهم لمعنى يقتضي تخصيصه -مثل اختصاصه بحاجة، أو ‌زمانة، أو عمى، أو كثرة عائلة، أو اشتغاله بالعلم، أو نحوه من الفضائل-، أو صرف عطيته عن بعض ولده -لفسقه، أو بدعته، أو لكونه يستعين بما يأخذه على معصية الله، أو ينفقه فيها-؛ فقد روي عن أحمد ما يدل على جواز ذلك. انتهى. وراجع الفتوى: 33801، والفتوى: 6242.

كما أن هبة الرجل دار سكناه لزوجته؛ لا تصح عند كثير من أهل العلم، فبعضهم لا يجيزون أن يهب الرجل دار سكناه لزوجته، وبعضهم يشترط لصحتها خلو الدار من أمتعة غير الزوجة الموهوب لها، وانظر الفتوى: 114780.

وننبهك على أنه لا يجوز قصد حرمان بعض الورثة، وراجع الفتوى: 403594.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة