علاج المرض المستعصي بالقرآن العظيم، وتأخير الصلاة لشدة الإرهاق

0 42

السؤال

عندي حالة شديدة من الأرق، وهي متأزمة جدا، وقد راجعت عدة أطباء دون جدوى، فهل يمكن أن أعالج هذه الحالة بالأذكار، أو بعض الآيات القرآنية؟
وأنا أصلي الفجر دائما رغم تعبي، لكن الإرهاق يصل بي أحيانا إلى مستويات عالية؛ بحيث أشعر أن كل جسمي يؤلمني؛ فلا أنهض للصلاة، فهل آثم على ذلك؟ جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فنسأل الله لك العافية.

والاستشفاء بالقرآن العظيم، والأدعية، والرقى الشرعية، مشروع من جميع الأدواء والأمراض، قال الله تعالى: قل هو للذين آمنوا هدى وشفاء {فصلت:44}، وقال تعالى: وننزل من القرآن ما هو شفاء ورحمة للمؤمنين ولا يزيد الظالمين إلا خسارا {الإسراء:82}، وقال ابن القيم في زاد المعاد: والصحيح: أن من ها هنا لبيان الجنس، لا للتبعيض، وقال تعالى: {يا أيها الناس قد جاءتكم موعظة من ربكم وشفاء لما في الصدور} [يونس:57].

فالقرآن هو الشفاء التام من جميع الأدواء القلبية، والبدنية، وأدواء الدنيا والآخرة.

وما كل أحد يؤهل ولا يوفق للاستشفاء به.

وإذا أحسن العليل التداوي به، ووضعه على دائه بصدق، وإيمان، وقبول تام، واعتقاد جازم، واستيفاء شروطه؛ لم يقاومه الداء أبدا، وكيف تقاوم الأدواء كلام رب الأرض والسماء، الذي لو نزل على الجبال لصدعها، أو على الأرض لقطعها ...

فمن لم يشفه القرآن، فلا شفاه الله، ومن لم يكفه، فلا كفاه الله. اهـ.

وفي الصحيحين -واللفظ لمسلم-، عن أبي سعيد الخدري، قال: نزلنا منزلا، فأتتنا امرأة، فقالت: إن سيد الحي سليم لدغ، فهل فيكم من راق؟ فقام معها رجل منا، ما كنا نظنه يحسن رقية، فرقاه بفاتحة الكتاب، فبرأ؛ فأعطوه غنما، وسقونا لبنا، فقلنا: أكنت تحسن رقية؟ فقال: ما رقيته إلا بفاتحة الكتاب، قال: فقلت: لا تحركوها حتى نأتي النبي صلى الله عليه وسلم، فأتينا النبي صلى الله عليه وسلم، فذكرنا ذلك له، فقال: ما كان يدريه أنها رقية؟ اقسموا، واضربوا لي بسهم معكم.

وقال ابن القيم -أيضا- في الجواب الكافي: فقد أثر هذا الدواء في هذا الداء، وأزاله؛ حتى كأن لم يكن، وهو أسهل دواء، وأيسره.

ولو أحسن العبد التداوي بالفاتحة؛ لرأى لها تأثيرا عجيبا في الشفاء.

ومكثت بمكة مدة يعتريني أدواء، ولا أجد طبيبا، ولا دواء، فكنت أعالج نفسي بالفاتحة؛ فأرى لها تأثيرا عجيبا، فكنت أصف ذلك لمن يشتكي ألما، وكان كثير منهم يبرأ سريعا.

ولكن ها هنا أمر ينبغي التفطن له، وهو أن الأذكار والآيات والأدعية التي يستشفى بها، ويرقى بها، هي في نفسها نافعة شافية، ولكن تستدعي قبول المحل، وقوة همة الفاعل وتأثيره، فمتى تخلف الشفاء، كان لضعف تأثير الفاعل، أو لعدم قبول المنفعل، أو لمانع قوي فيه يمنع أن ينجع فيه الدواء. اهـ.

وأما تأخير الصلاة حتى يخرج وقتها من أجل الوجع والإرهاق؛ فإنه لا يجوز، لكن يجوز الجمع بين الظهر والعصر في وقت إحداهما، وبين المغرب والعشاء في وقت إحداهما من أجل التعب الشديد، كما سبق في الفتوى: 153521 ،184579.

وإذا عجزت عن القيام، فإنك تصلي على حالك، كما في صحيح البخاري عن عمران بن حصين -رضي الله عنه- قال: كانت بي بواسير، فسألت النبي صلى الله عليه وسلم عن الصلاة، فقال: صل قائما، فإن لم تستطع فقاعدا، فإن لم تستطع فعلى جنب. وراجع تفصيل هذا في الفتويين: 126149، 280504.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة