السؤال
ما الفرق بين الشهادة والإشهاد عند الفقهاء، وليس اللغويين؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعـد:
فإن الفقهاء -رحمهم الله- مختلفون في تعريف الشهادة اختلافا يصعب تتبعه؛ لتشعبه، وكثرة تفاريعه؛ لذلك سوف نوجز تعريفها في الآتي: فنقول: الشهادة هي: إخبار بحق للغير على الغير، وهي إحدى طرق الإثبات المتعارف عليها في الشرع.
أما الإشهاد فهو: طلب ذلك الإخبار، أي: الشهادة، فالشهادة هي الإخبار بما قد شوهد، والإشهاد هو طلب الشهادة وسؤالها. انتهى بتصرف من طلب الطلب للنسفي.
فقد توجد الشهادة دون إشهاد، وقد يوجد الإشهاد ولا توجد الشهادة؛ لامتناع الشاهد عن أدائها لسبب ما، فلا تلازم بينهما.
ومما يترتب على الفرق بينهما: أن تحمل الشهادة وأداءها، فرض في الجملة، ففي الموسوعة الفقهية الكويتية: أداء الشهادة فرض كفاية؛ لقول الله تعالى: {وأقيموا الشهادة لله}، وقوله: {ولا يأب الشهداء إذا ما دعوا}.
فإذا تحملها جماعة، وقام بأدائها منهم من فيه كفاية، سقط الأداء عن الباقين؛ لأن المقصود بها حفظ الحقوق، وذلك يحصل ببعضهم، وإن امتنع الكل، أثموا جميعا؛ لقول الله تعالى: {ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه}، ولأن الشهادة أمانة، فلزم الأداء عند الطلب.
وقد يكون أداء الشهادة فرض عين، إذا كان لا يوجد غيره ممن يقع به الكفاية، وتوقف الحق على شهادته، فإنه يتعين عليه الأداء؛ لأنه لا يحصل المقصود إلا به. إلا أنه إذا كانت الشهادة متعلقة بحقوق العباد وأسبابها: أي: في محض حق الآدمي، وهو ما له إسقاطه -كالدين، والقصاص-، فلا بد من طلب المشهود له؛ لوجوب الأداء، فإذا طلب، وجب عليه الأداء، حتى لو امتنع بعد الطلب، يأثم. انتهى.
أما الإشهاد فالحق فيه للمستشهد طالب الحق، فله أن يشهد على حقه الخاص به، وله أن لا يشهد؛ لأنه من باب توثيق الحقوق، وهذا على مذهب الجمهور.
ولا يخلو كتاب من كتب الفقه من باب أو كتاب الشهادة، ويذكر الفقهاء هنالك أركانها وشرائطها، وبيان ما يلزم الشاهد بتحمل الشهادة، وبيان العقود التي تلزم فيها الشهادة، والعقود لا تلزم فيها، فتراجع هذه المسائل في مظانها من كتب الفقه.
والله أعلم.