السؤال
حلفت أمام شخص في موضوع على أن لا أفعل كذا وكذا، ونسيت أن أقول (إن شاء الله). والآن أنا نادمة على الحلف. فهل يجوز أن أعيد الحلف مرة أخرى على نفس الصيغة، وأقول: والله لن أفعل كذا وكذا، وأقول بعدها: (إن شاء الله)، حتى لا يكون علي كفارة يمين في الحلف الأول والثاني؟ أم علي كفارة في كل الأحوال؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فلا يفيدك الآن أن تستثني في تلك اليمين لأجل أن تتخلصي من الكفارة إذا حنثت، وذلك أن الاستثناء الذي يفيد في عدم وجوب الكفارة عند الحنث هو الاستثناء المتصل باليمين، ولو صح الاستثناء مع طول الفصل لما حنث أحد، إذ يكفي الحالف حينئذ أن يستثني قبل فعل ما يحنث به.
جاء في الموسوعة الفقهية: الموالاة في الاستثناء في اليمين. يشترط لصحة الاستثناء في اليمين الموالاة بحيث يكون الاستثناء متصلا بالكلام السابق، فلو فصل عنه بسكوت كثير بغير عذر أو بكلام أجنبي؛ لم يصح الاستثناء. اهــ.
وقال ابن قدامة في الشرح الكبير على المقنع: فإنه يشترط أن يكون الاستثناء متصلا باليمين، بحيث لا يفصل بينهما كلام أجنبي، ولا يسكت بينهما سكوتا يمكنه الكلام فيه، فأما السكوت لانقطاع نفسه أو صوته، أو عي، أو عارض، من عطسة، أو شيء غيرها، فلا يمنع صحة الاستثناء، وثبوت حكمه، وبهذا قال مالك، والشافعي، والثوري، وأبو عبيد، وإسحاق وأصحاب الرأي؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: من حلف، فاستثنى وهذا يقتضي كونه عقيبه، ولأن الاستثناء من تمام الكلام، فاعتبر اتصاله به، كالشرط وجوابه، وخبر المبتدأ، والاستثناء بإلا، ولأن الحالف إذا سكت ثبت حكم يمينه، وانعقدت موجبة لحكمها، وبعد ثبوته لا يمكن دفعه ولا تغييره.
قال أحمد: حديث النبي -صلى الله عليه وسلم- لعبد الرحمن بن سمرة: إذا حلفت على يمين، فرأيت غيرها خيرا منها، فكفر عن يمينك ولم يقل: فاستثن. ولو جاز الاستثناء في كل حال، لم يحنث حانث به. اهــ.
وكذا لو كانت اليمين الجديدة مع الاستثناء تلغي اليمين الأولى ما حنث أحد أيضا، ولأمكن التخلص من اليمين دون كفارة بيمين جديدة، فإذا حلفت يمينا جديدة على نفس الفعل، واستثنيت لم يفدك في حل اليمين؛ لأن اليمين الأولى انعقدت، وفات تدارك الاستثناء فيها، فإذا حنثت لزمتك الكفارة.
والله أعلم.