السؤال
أنا في حيرة من أمري، فقد أتتني الدورة مدة 7 أيام، واستمرت الصفرة 3 أيام أخرى، فانتظرت حتى انقطعت الصفرة، واغتسلت، وبعد الطهر بيوم واحد نزل دم أسود شديد السواد لمدة 5 أيام؛ فاحتسبته دورة، وقعدت عن الصلاة، ثم اغتسلت بعده، وبعد 11 يوما فقط عادت الدورة من جديد، مع العلم أني متأكدة أنها دورة لتمييزي لها باللون، والقوة، والكثافة، والألم في الظهر والرأس، ولكن لم يمر عليها أقل مدة الطهر -وهي 15 يوما-، ومع العلم أيضا أنه في كثير من المرات ينزل دم أسود بعد انتهاء الدورة، فهل أعتبره استحاضة، وأصلي، وأصوم؟ أرجو الرد والتوضيح -جزاكم الله خير الجزاء-.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فما نزل متصلا بدم الحيض -من كدرة، أو صفرة، أو دم أسود- يعتبر حيضا، ما دام أنه لم يجاوز مجموع أيام ذلك خمسة عشر يوما.
وقد ذكرت في السؤال أن أيام الدم سبعة، وأيام الصفرة والكدرة ثلاث، وأيام الدم الأسود خمسة.
وعلى هذا؛ فجميع ذلك لم يتجاوز خمسة عشر يوما، وعليه فكله يعتبر حيضا، قال النووي في المجموع: إذا كان لها عادة دون خمسة عشر، فرأت الدم وجاوز عادتها، وجب عليها الإمساك، كما تمسك عنه الحائض؛ لاحتمال الانقطاع قبل مجاوزة خمسة عشر؛ فيكون الجميع حيضا، ولا خلاف في وجوب هذا الإمساك، ثم إن انقطع لخمسة عشر يوما فما دونها؛ فالجميع حيض. انتهى.
وأما الدم الذي رأيته بعد أحد عشر يوما من انقطاع الحيض؛ فهو دم استحاضة، وليس بدم حيض؛ وذلك لأنه لا يمكن ضمه إلى ما قبله ليكون حيضة واحدة، ولا يمكن جعله حيضة مستقلة؛ لأن أقل الطهر بين الحيضتين ثلاثة عشر يوما عند الحنابلة، وخمسة عشر يوما عند الجمهور.
وفي أيام استحاضتك يجب عليك أن تتوضئي لكل صلاة بعد دخول وقتها، وتصلين بهذا الوضوء الفرض وما شئت من النوافل، بعد التحفظ بشد خرقة أو نحوها على الموضع، ولك جميع أحكام الطاهرات، فتصلين ما شئت، وتقرئين القرآن، وتمسين المصحف، وتصومين ما شئت من فرض ونفل، ولا تمنعين من شيء مما تمنع منه الطاهر في أثناء المدة التي يحكم بكون ما ترينه فيها استحاضة، جاء في المغني لابن قدامة: ... فإن رأته بعد العادة، ولم يمكن أن يكون حيضا؛ لعبوره أكثر الحيض، وأنه ليس بينه وبين الدم الأول أقل الطهر؛ فهو استحاضة؛ سواء تكرر أو لا؛ لأنه لا يمكن جعل جميعه حيضا، فكان كله استحاضة؛ لأن إلحاق بعضه ببعض أولى من إلحاقه بغيره. انتهى.
والله أعلم.