السؤال
لماذا للرجل الحق المطلق في الطلاق، بحيث يمكن أن يطلق زوجته بلا حول ولا قوة منها. في حين أن عليها أن تطلب الطلاق منه، وإذا لم يرد تطليقها -وهو يحدث عادة حتى يأخذ ما أعطاها- فتضطر لرفع دعوى قضائية، وتفتدي نفسها؟
سمعت وقرأت رأي العلماء برجاحة عقل الرجل، ورجاحة عواطف المرأة. لذا أفهم ترك العصمة بيد الرجل، لكن لا أفهم تصعيب الطلاق على المرأة. ولماذا عليها أن تفتدي نفسها، بينما هي الطرف الأكثر تضررا من الطلاق، وقد سبق أن عاشرها إذا كان إرجاع مهره لهذا السبب.
ولماذا يعتبر هو متضررا حتى يحتاج إلى تعويض عن خروجها من الزواج، في حين يمكنه رمي يمين الطلاق عليها، ولا تعوض بأي شيء؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فقول السائلة: ولماذا عليها أن تفتدي نفسها، بينما هي الطرف الأكثر تضررا من الطلاق، إلى آخره. ليس على إطلاقه.
فالرجل إذا طلق امرأته؛ فإن لها مهرها كله -إن كان دخل بها، أو خلا بها خلوة صحيحة- ولها النفقة مدة العدة، ولها المتعة عند فريق من أهل العلم، وانظري الفتوى: 162739.
وإذا سألت المرأة الطلاق لإضرار زوجها بها، ككونه يسيء عشرتها؛ وأبى أن يطلقها؛ فلها رفع الأمر للقاضي؛ ليطلق عليه. ويكون لها جميع حقوق المطلقة، وليس للزوج في هذه الحالة أن يأخذ أي عوض مقابل الطلاق، ما دام الضرر من قبله. وراجعي الفتوى: 33363.
أما إذا سألت المرأة الطلاق من غير إضرار من الزوج بها، ولكن لكونها مثلا كرهت الزوج؛ ففي هذه الحال لا يجب على الزوج أن يجيبها إلى الطلاق، وله أن يمتنع من طلاقها حتى تسقط له شيئا من حقها، كبعض المهر تفتدي به نفسها، قال تعالى: الطلاق مرتان فإمساك بمعروف أو تسريح بإحسان ولا يحل لكم أن تأخذوا مما آتيتموهن شيئا إلا أن يخافا ألا يقيما حدود الله فإن خفتم ألا يقيما حدود الله فلا جناح عليهما فيما افتدت به تلك حدود الله فلا تعتدوها ومن يتعد حدود الله فأولئك هم الظالمون} [البقرة: 229].
فافتداء المرأة نفسها في هذه الحال بمالها؛ حكم عدل سائغ عند كل ذي عقل، ولا يسوغ سواه؛ فهل من العدل أن يبذل الزوج ماله في المهر والنفقات، وهو قائم بحق زوجته معاشرا لها بالمعروف؛ ثم تطلب فراقه دون إضرار منه، ولا ترد إليه شيئا مما بذله؟
والله أعلم.