السؤال
أحد أقاربي في الخارج اتصل بي يريد أن أقوم بتجديد عقد الإنترنت، حتى يتمكن من مشاهدة التلفاز؛ فوافقت في البداية، ثم قررت ألا أفعل ذلك؛ لأنه قد يستعمل ذلك في الحرام بحكم أنه غير متدين. وقد اتصل بي عدة مرات، ولم أتصل به. وفي الغالب سيغضب من عدم قضائي له هذه الحاجة، ومن عدم اتصالي به.
أتصور أنه عند إخباره بحرمة هذه الإعانة، قد يجد الأمر غريبا.
فماذا أفعل؛ لأن مثل هذه المسائل تسبب لي حرجا وضيقا؟
بارك الله فيكم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن ينفع المسلم أخاه، ويساعده بكل ما ينفعه في دينه ودنياه، حسب استطاعته؛ لما جاء في الصحيحين وغيرهما أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: من استطاع منكم أن ينفع أخاه، فليفعل. وقال صلى الله عليه وسلم: والله في عون العبد، ما كان العبد في عون أخيه. رواه مسلم وغيره.
هذا من حيث الأصل، وقريبك قد طلب منك خدمة مباحة وهي: إيصال الإنترنت إلى بيته ليتمكن من مشاهدة التلفاز، وهذا العمل جائز من حيث الإجمال، ومجرد احتمال كونه قد يستعمل ذلك في الحرام، لا يمنع إيصال تلك الخدمة إليه، وإن حصل منه شيء من ذلك واستعمل التلفاز في مشاهدة محرم فإثمه على نفسه لا عليك؛ لأنك لم تعنه إعانة مباشرة على الحرام ولم تقصد ذلك.
وموضوع ضابط الإعانة على الإثم والعدوان، كان محل بحث لمجمع فقهاء الشريعة بأمريكا في دورته الخامسة ، وكان خلاصة ما توصلوا إليه أن الإعانة على الإثم والعدوان أربعة أقسام:
1- مباشرة مقصودة: كمن أعطى آخر خمرا بنية إعانته على شربها.
2- مباشرة غير مقصودة: ومنه بيع المحرمات التي ليس لها استعمال مباح؛ إذا لم ينو إعانتهم على استعمالها المحرم.
3- مقصودة غير مباشرة: كمن أعطى آخر درهما ليشتري به خمرا، ومنه القتل بالتسبب.
4- غير مباشرة، ولا مقصودة: كمن باع ما يستعمل في الحلال والحرام، ولم ينو إعانة مستعمليه في الحرام، وكمن أعطى آخر درهما لا ليشتري به خمرا، فإن اشترى به خمرا وشربه، فلا إثم على من أعطاه الدرهم، طالما لم ينو به إعانته على المحرم، ومن هذا القسم الرابع البيع والشراء، والإجارة من المشركين، وفساق المسلمين، والتصدق عليهم بالمال.
وقد كان قرار المجمع تحريم الأنواع الثلاثة الأولى، وإباحة القسم الرابع، وهو ما ليس مباشرا، ولا مقصودا. اهـ.
والله أعلم.