السؤال
كنت متزوجة من رجل، وأنجبت منه طفلا، وحدثت بيننا مشاكل، وأجبرتني أمي على الطلاق منه، على الرغم من أني كنت أتمنى الرجوع لزوجي، وعدم الطلاق، وهو أيضا كان يسعى بكل الطرق للإصلاح بيننا، ورفض أن يطلقني، وهرب كثيرا من جلسات الطلاق؛ أملا منه في الصلح والرجوع.
أما أمي فكانت مصممة على الطلاق دون رجعة، فكادوا له مكيدة، حتى يجبروه على الطلاق، جعلوه يوقع على إيصالات أمانة على بياض بحجة أن يستقيم أمره، وينصلح حاله، ونرجع لبعض، بشرط أنه في خلال ستة أشهر يلتحق بوظيفة، ويوفر سكنا، وإذا انتهت الستة أشهر، ولم يحقق أي شرط منهما، فسيتم الشكوى بالإيصالات في المحكمة.
وبعد مرور ستة أشهر وفر سكنا، ولكن لم يلتحق بوظيفة؛ لذا كتبوا بالإيصالات مبلغا من المال، وشكوه في المحكمة بهذه الإيصالات لإجباره على الطلاق، أو السجن. وبالفعل وبعد ضغط شديد عليه من جميع الأطراف، وخوفا من السجن أضطر للطلاق، ولكن تم الطلاق بشكل خلع على يد مأذون بالمحكمة، بمعنى كان المأذون يملي الزوجة صيغة ترددها وراءه لتلقيها على زوجها، وبهذا تم الطلاق.
فما الحكم في ذلك؟ مع العلم الزوجة لم تكن تتمنى الطلاق، ولكن بالضغط والإكراه من أمها رضيت بالأمر الواقع، ولم تحرك ساكنا.
فما الحكم في ذلك الطلاق؟ وهل إذا تزوجت الزوجة من رجل آخر بعد ذلك يصح ذلك الزواج أم لا؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فنقول ابتداء لا يمكننا أن نعطي فتوى محددة بخصوص هذه القضية المتضمنة لبعض الدعاوى، فقد توجد ملابسات تحتاج إلى التوضيح والاطلاع على حقيقة ما جرى، فيحسن في هذه الحالة الرجوع إلى المحكمة الشرعية، أو مشافهة العلماء.
وعلى وجه العموم نقول: ليس من حق الأم أن تأمر ابنتها بطلب الطلاق من زوجها لغير سبب مشروع، ولا يجب على ابنتها طاعتها في ذلك، وسبق بيان ذلك في الفتوى: 448012.
وليس من حق أهل الزوجة الضغط على الزوج ليطلق زوجته لغير مسوغ شرعي.
والإكراه المعتبر شرعا، ويمكن الحكم معه بعدم وقوع الطلاق قد بينه العلماء وضبطوه، فإذا تحقق الزوج أو غلب على ظنه أن يسجن ظلما إن لم يطلق؛ فلا يقع الطلاق في هذه الحالة.
جاء في الفتاوى الكبرى لشيخ الإسلام ابن تيمية: ولا يقع طلاق المكره، والإكراه يحصل إما بالتهديد، أو بأن يغلب على ظنه أنه يضره في نفسه أو ماله بلا تهديد إكراها. اهـ.
وفي القوانين الفقهية لابن جزي المالكي: وأما من أكره على الطلاق بضرب، أو سجن، أو تخويف؛ فإنه لا يلزمه عند الإمامين، وابن حنبل؛ خلافا لأبي حنيفة. اهـ. يقصد بالإمامين مالك والشافعي.
فإذا تيقن الزوج، أو غلب على ظنه أنه سيسجن ظلما، وطلق زوجته لهذا السبب، يكون مكرها، ولا يقع طلاقه.
والحكم على صحة أو عدم صحة زواج المطلقة بالصورة المذكورة من زوج آخر ينبني على أمر وقوع الطلاق من عدمه، بناء على كون الإكراه معتبرا أم لا؟ على التفصيل الذي ذكرناه سابقا.
ولذا؛ نؤكد على ما نبهنا عليه في البدء من أهمية مراجعة المحكمة الشرعية، أو مشافهة العلماء للنظر في هذه القضية، والاستيضاح فيما قد يحتاج لذلك، وبيان الحكم بناء عليه.
والله أعلم.