الظنون لا يحكم بها على حرمة أموال الشخص

0 20

السؤال

أبي يعمل في محل لإصلاح ميكانيكا السيارات، وهو مستأجر لهذا المحل منذ سنوات طويلة، ولا أعلم إن كان ثمن الإجارة هو الذي يستحقه صاحب المحل أم لا، وأظن أن أبي قد أصبح يدفع أكثر بقليل من الثمن الذي كان يدفعه لصاحب المحل في السابق، ولا أعلم إن كان صاحب المحل راضيا بهذا الثمن أم لا. لكن أبي يدفع أيضا مالا لزوجة الرجل الذي كان قد استأجر المحل أول مرة، وقد توفي ذلك الرجل، ويدفع أيضا فاتورة الكهرباء والماء. فهل ذلك من باب الإجارة القديمة؟ وما حكم المال الذي يعطيني إياه أبي؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

 فإن الأصل في المسلمين هو السلامة، والأصل في أموالهم هو أن تكون مكتسبة من وجه حلال، دون التفتيش والتنقيب عن أصل أموالهم، ومن أين اكتسبوها، ولا يعدل عن هذا الأصل حتى يوجد دليل يدل على خلاف ذلك بيقين، أو غلبة ظن.

ومجرد الشك في مصدر مال الشخص؛ لا يوجب تحريم التعامل معه.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: ما في الوجود من الأموال المغصوبة، والمقبوضة بعقود؛ لا تباح بالقبض إن عرفه المسلم اجتنبه، فمن علمت أنه سرق مالا، أو خانه في أمانته، أو غصبه فأخذه من المغصوب قهرا بغير حق، لم يجز لي أن آخذه منه، لا بطريق الهبة، ولا بطريق المعاوضة، ولا وفاء عن أجرة، ولا ثمن مبيع، ولا وفاء عن قرض، فإن هذا عين مال ذلك المظلوم ...
والأصل فيما بيد المسلم أن يكون ملكا له، إن ادعى أنه ملكه ... فإذا لم أعلم حال ذلك المال الذي بيده، بنيت الأمر على الأصل، ثم إن كان ذلك الدرهم في نفس الأمر قد غصبه هو، ولم أعلم أنا، كنت جاهلا بذلك، والمجهول كالمعدوم ... لكن إن كان ذلك الرجل معروفا بأن في ماله حراما، ترك معاملته ورعا.
وإن كان أكثر ماله حراما، ففيه نزاع بين العلماء، وأما المسلم المستور، فلا شبهة في معاملته أصلا، ومن ترك معاملته ورعا، كان قد ابتدع في الدين بدعة ما أنزل الله بها من سلطان. اهـ بتصرف يسير من مجموع الفتاوى.

وما ذكرته -أيها السائل- من احتمالات عن استئجار أبيك لذلك المحل كلها مجرد ظنون، لا يحكم بها على حرمة مال أبيك، ولا حرمة المال الذي تأخذه منه.

وقد بينا حكم عقد الإجارة المعروف في بعض البلاد بعقد الإيجار القديم في الفتوى: 337075 .

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة