السؤال
أخذت بقول ابن تيمية: من ترك شرطا، أو ركنا من شروط الصلاة، وأركانها جهلا؛ فإنه لا تلزمه الإعادة. فهل هذا يشمل ما إذا كان الشخص يعلم أن ترك هذا الشرط، أو الركن يبطل الصلاة، لكنه كان جاهلا بأنه ترك هذا الشرط؟ ليس جاهلا بحكمه، حيث صليت جاهلة انتقاض وضوئي إلى أن تيقنت، وعلمت بعد الصلاة أن وضوئي فعلا انتقض قبل أداء الصلاة، أو في أثنائها، وأخذت بهذا القول درءا للوسواس؟
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فمن تذكر أثناء الصلاة أنه على غير طهارة، فقد بطلت صلاته، ووجب عليه إعادتها، وكذلك إذا تحقق بعد الصلاة أنه صلاها بغير وضوء، فيجب عليه أن يعيدها.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى: وكذلك من نسي طهارة الحدث، وصلى ناسيا: فعليه أن يعيد الصلاة بطهارة، بلا نزاع، حتى لو كان الناسي إماما، كان عليه أن يعيد الصلاة، ولا إعادة على المأمومين، إذا لم يعلموا، عند جمهور العلماء، كمالك، والشافعي، وأحمد في المنصوص المشهور عنه، كما جرى لعمر وعثمان -رضي الله عنهما-...انتهى
وأما مسألة قول شيخ الإسلام بعدم وجوب الإعادة على من ترك ركنا، أو شرطا، جاهلا بوجوبه، فهي مسألة مختلفة عمن صلى ظانا أنه على طهارة، وهو ليس كذلك، فهو هنا لا يجهل وجوب الطهارة للصلاة، ولكنه نسي حدثه، وصلى، ثم تذكر الحدث أثناء الصلاة، أو بعدها، فهو هنا يعيد، بخلاف من جهل وجوب شيء، لعدم بلوغه إياه، كمن جهل الكيفية الصحيحة للطهارة مثلا، ثم عرفها بعد ذلك.
قال شيخ الإسلام -رحمه الله- في الفتاوى الكبرى: فمن لم يبلغه أمر الرسول في شيء معين، لم يثبت حكم وجوبه عليه، ولهذا لم يأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- عمر وعمارا لما أجنبا، فلم يصل عمر، وصلى عمار بالتمرغ، أن يعيد واحد منهما، وكذلك لم يأمر أبا ذر بالإعادة لما كان يجنب، ويمكث أياما لا يصلي، وكذلك لم يأمر من أكل من الصحابة حتى يتبين له الحبل الأبيض من الحبل الأسود بالقضاء، كما لم يأمر من صلى إلى بيت المقدس قبل بلوغ النسخ لهم بالقضاء. انتهى .
وعليه؛ فقول ابن تيمية: من ترك شرطا، أو ركنا من شروط الصلاة، وأركانها جهلا، فإنه لا تلزمه الإعادة. لا يتناول الصورة التي ذكرت من نسيان الحدث، وتذكره في الصلاة، أو بعدها، وبالتالي: فعليك إعادة تلك الصلاة.
كما يجب عليك الابتعاد عن الوسوسة، وما يجر إليها من تدقيق فيما لم يأمر الشرع به، فمن تكثر عليه الشكوك والوساوس، لا يطلب بالعمل بمقتضى الشك، ولا يلتفت إليه، لا في طهارة، ولا صلاة، ولا صيام، ولا غير ذلك، وقد بينا كيفية علاج الوساوس، وأن من أعظم ما تعالج به هو هو الإعراض عنها، وعدم الالتفات إليها، فانظري الفتويين: 51601، 134196.
والله أعلم.