السؤال
قرأت أن الصالحين هم سائر الصحابة، والشهداء هم عمر، وعثمان، وعلي -رضي الله عنهم-، وأبو بكر من أعلى الصديقين، فلماذا دعا النبيون أن يكونوا من الصالحين، ولم يدعوا بأن يكونوا من الشهداء، أو الصديقين، بل دعوا أن يكونوا من الصالحين، وقد قال الله تعالى عن النبيين أنه ألحقهم بالصالحين، وليس الصديقين، أو الشهداء؟
وشكرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن الكلام الذي قرأته هو قول لبعض أهل العلم عند تفسير قوله تعالى: ومن يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين والصديقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا {النساء:69}.
قال البغوي في تفسيره: ومن يطع الله في أداء الفرائض: والرسول في السنن: فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين ـ أي لا تفوتهم رؤية الأنبياء ومجالستهم، لا أنهم يرفعون إلى درجة الأنبياء. والصديقين أفاضل أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-، والصديق المبالغ في الصدق. والشهداء قيل: هم الذين استشهدوا في يوم أحد، وقيل: الذين استشهدوا في سبيل الله، وقال عكرمة: النبيون هاهنا: محمد -صلى الله عليه وسلم-، والصديقون أبو بكر، والشهداء عمر وعثمان، وعلي -رضي الله عنهم-، والصالحين ـ سائر الصحابة -رضي الله عنهم. اهـ
وفي تفسير القرطبي: والصديق فعيل، المبالغ في الصدق، أو في التصديق، والصديق هو الذي يحقق بفعله ما يقول بلسانه، وقيل: هم فضلاء أتباع الأنبياء الذين يسبقونهم إلى التصديق كأبي بكر الصديق، والمراد هنا بالشهداء: عمر وعثمان، وعلي، والصالحين سائر الصحابة -رضي الله عنهم أجمعين- وقيل: الشهداء: القتلى في سبيل الله. الصالحين: صالحي أمة محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، قلت: واللفظ يعم كل صالح وشهيد، والله أعلم. اهـ
وفي تفسير ابن جزي: والصديق فعيل من الصدق، ومن التصديق، والمراد به المبالغة، والصديقون أرفع الناس درجة بعد الأنبياء، والشهداء المقتولون في سبيل الله، ومن جرى مجراهم من سائر الشهداء، كالغريق، وصاحب الهدم حسبما ورد في الحديث أنهم سبعة. اهـ
أما عن سؤال بعض الأنبياء أن يلحقهم الله تعالى بالصالحين، فإن المقصود بالصالحين هنا الأنبياء، وقيل: أهل الجنة، ففي تفسير القرطبي حكاية عن يوسف عليه الصلاة والسلام: توفني مسلما وألحقني بالصالحين ـ يريد آباءه الثلاثة، إبراهيم، وإسحاق، ويعقوب. اهـ.
وقال أيضا في شأن إبراهيم عليه الصلاة والسلام: قوله تعالى: رب هب لي حكما وألحقني بالصالحين. أي: بالنبيين من قبلي في الدرجة، وقال ابن عباس: بأهل الجنة. اهـ.
وللألوسي في تفسيره: روح المعاني ـ وجه آخر في دعاء يوسف عليه -الصلاة والسلام- يتضمن إجابة السؤال، حيث قال: وألحقني بالصالحين ـ من آبائي، على ما روي عن ابن عباس، أو بعامة الصالحين في الرتبة والكرامة، كما قيل، واعترض بأن يوسف -عليه السلام- من كبار الأنبياء -عليهم السلام-، والصلاح أول درجات المؤمنين، فكيف يليق به أن يطلب اللحاق بمن هو في البداية؟ وأجيب بأنه -عليه السلام- طلبه هضما لنفسه، فسبيله سبيل استغفار الأنبياء عليهم السلام، ولا سؤال ولا جواب، إذا أريد من الصالحين آباؤه الكرام: يعقوب، وإسحاق، وإبراهيم عليهم السلام. اهـ.
والله أعلم.