الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:
فإمساك الحمام في البيوت بقصد الاستئناس بها أو لإنتاج البيض والفراخ مباح.
جاء في "المبسوط": فأما إذا كان يمسك الحمام في بيته يستأنس بها ولا يطيرها عادة فهو عدل مقبول الشهادة، لأن إمساك الحمام في البيوت مباح، ألا ترى أن الناس يتخذون بروج الحمامات ولم يمنع من ذلك أحد. اهـ.
وأما اللعب بها وإضاعة الوقت معها فمكروه، قال ابن قدامة: واللاعب بالحمام يطيرها لا شهادة له، لأنه سفاهة ودناءة وقلة مروءة، ويتضمن أذى الجيران بطيره وإشرافه على دورهم ورميه إياها بالحجارة.
ويجب على من اتخذ حماما أن يمنعها من إفساد زرع الناس أو الأكل منه إلا ما جرت العادة بالتهاون فيه، وكذا ينتبه إلى أنها قد تجر حماما آخر مملوكة للغير إلى أبراجه فتفرخ فيه فيأكل ويبيع هذه الأفراخ وهي ملك غيره.
قال ابن مفلح: وأباح أحمد اتخاذ الحمام للأنس واعتبر أن تكون مقصوصة لئلا تطير فتأكل زروع الناس.
وجاء في الفتاوى الهندية تعليقا على ما تقدم في المبسوط من جواز إمساك الحمام في البيوت قال:
إلا إذا كانت تجر حمامات أخر مملوكة لغيره فتفرخ في وكرها فيأكل ويبيع منه. اهـ.
قال في الآداب الشرعية:... يكره اتخاذ طيور طيارة تأكل زروع الناس.. وقال حرب: قلت لأحمد: إن
اتخذ قطيعا من الحمام تطير؟ فكره ذلك كراهة شديدة، ولم يرخص فيه إذا كانت تطير، وذلك أنها تأكل أموال الناس وزروعهم.
وقال مهنا: سألت أبا عبد الله عن بروج الحمام التي تكون بالشام فكرهها وقال: تأكل زروع الناس.
قال صاحب الآداب: وهذا ظاهر في التحريم إن لم يكن صريحا، ونقل غيره عنه الكراهية.. فعلى الرواية الأولى يضمن، وعلى الثانية فيه نظر.
(قوله: يضمن، يعني صاحب الحمام ما أفسد حمامه من زرع وطعام الناس)
ونقل عن (الإمام أحمد) محمد بن داود أنه قيل له: الرجل يدخل بيته حمام غيره فيفرخ يأكل من فراخه؟ قال: لا يعجبني، هذا طير جاره. اهـ.
والله أعلم.