أيهما أولى: أن يعتمر أو يؤثر أمه لتعتمر؟

0 41

السؤال

أنا شاب في 25 من العمر، وأريد أداء العمرة بنية التوبة من بعض الذنوب التي أرقتني، وبنية الرجوع إلى الله، ولكني في حيرة. هل أعتمر أولا، ثم عندما يتيسر لي الحال أرسل أمي؛ لأن المبلغ الذي جمعته يكفي لشخص، وكانت نيتي هي الذهاب للعمرة، ثم تذكرت أمي؟ أم لا أذهب، لا أنا ولا هي، وأعطيها المال لتذهب به إلى طبيب الأسنان لتعيد ضحكتها وأسنانها كاملة من جديد؛ لأن جزءا من أسنانها الجانبية سقط؟ علما بأنني لا أنفق على أمي، أو أبي، فلديه راتب جيد، لكن نظرا للمصاريف الكثيرة على البيت، وعلى إخوتي، فإن ذهابها إلى طبيب الأسنان غير متاح في الوقت الراهن، وقد رأيت في المنام كأن بها أذى في فمها، فأشفقت عليها، وقلت لها أنذهب للطبيب؟ فقالت -وهي فرحة- نعم هيا،
فبماذا أبدأ أولا؟
وجزاكم الله خير.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فإن كنت لم تعتمر قبل؛ فالواجب عليك المبادرة بالعمرة ما دمت قادرا؛ ولا يجوز لك إيثار أمك بالذهاب إلى العمرة في هذه الحال؛ لأن الإيثار لا يجوز في الواجبات.

قال السيوطي في الأشباه والنظائر: وقال الشيخ أبو محمد، في الفروق: من دخل عليه وقت الصلاة، ومعه ما يكفيه لطهارته، وهناك من يحتاجه للطهارة، لم يجز له الإيثار. انتهى.

والعمرة واجبة على القول المفتى به عندنا، وراجع الفتوى: 28369.

أما إذا كنت اعتمرت العمرة الواجبة قبل ذلك، وتريد العمرة تطوعا؛ فإيثارك أمك بالعمرة؛ محل خلاف بين أهل العلم، فبعضهم كرهه، وبعضهم أباحه، وراجع الفتوى: 59691.

والراجح عندنا جوازه إذا كان فيه مصلحة شرعية؛ كتقديم أهل العلم، وأهل الفضل كالوالدين.

قال ابن عابدين -رحمه الله- في حاشيته على الدر المختار: وفي حاشية الأشباه للحموي...: وإن سبق أحد إلى الصف الأول فدخل رجل أكبر منه سنا، أو أهل علم، ينبغي أن يتأخر ويقدمه، تعظيما له، اهـ، فهذا يفيد جواز الإيثار بالقرب بلا كراهة، خلافا للشافعية........ أقول: وينبغي تقييد المسألة بما إذا عارض تلك القربة ما هو أفضل منها؛ كاحترام أهل العلم والأشياخ..... فيكون الإيثار بالقربة انتقالا من قربة إلى ما هو أفضل منها، وهو الاحترام المذكور، أما لو آثره على مكانه في الصف مثلا من ليس كذلك، يكون أعرض عن القربة بلا داع، وهو خلاف المطلوب شرعا. انتهى مختصرا.

والذي نراه- والله أعلم- أن أمك إذا كانت رغبتها في العمرة أكثر من رغبتها في علاج أسنانها؛ أن تقدم بذل المال في النفقة على ذهاب أمك إلى العمرة.

وأما إذا كانت المصلحة في تقديم علاج أسنانها، وكان ذلك يسرها أكثر؛ فقدم علاج أسنانها، فإن بر الأم وإدخال السرور عليها؛ من أعظم الأعمال الصالحة وأقربها إلى الله.

ففي الأدب المفرد للبخاري عن ابن عباس -رضي الله عنهما- :.. إني لا أعلم عملا أقرب إلى الله -عز وجل- من بر الوالدة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة