استصلاح مقبرة للنصارى وجعلها للمسلمين

0 34

السؤال

نحن نعيش في بلد غربي، ونقوم بدفن موتى المسلمين على مساحة صغيرة مخصصة لنا كمسلمين، ووفق الشريعة الإسلامية. لكن تحت إشراف الكنيسة؛ لأنهم هم أصحاب الأرض، بحيث يتم شراء القبر لمدة 25 سنة، وبتكاليف باهظة الثمن. وإذا لم يتم التجديد للقبر بعد هذه المدة، يتم إزالة القبر وهكذا، علما أن مقبرة المسلمين الحالية يفصلها عن مقبرة النصارى سياج نباتي، أو أشجار.
إذا أردنا أن نشتري مقبرة مستقلة تكون تحت سلطة وإشراف المسلمين، من أجل تخفيف أعباء التكاليف على المسلمين، وعدم العبث بقبور المسلمين مستقبلا، لا بد من أن نسير مسارا قانونيا قد يأخذ سنوات، وقد ينتهي الأمر بالقبول أو الرفض من قبل الجهات الرسمية.
علما أن مقبرة النصارى الملاصقة لمقبرة المسلمين، والتي توازي مساحتها مساحة مقبرة المسلمين، لم يدفن فيها أي شخص منذ أكثر من 20 سنة؛ لأنهم يتبعون حرق الجثث بسبب التكاليف الباهظة للقبر، ولأسباب أخرى.
لقد عرض علينا من قبل الكنيسة استصلاح مقبرة النصارى، وتحويلها لمقبرة تخص المسلمين عندما تمتلأ المقبرة الإسلامية الحالية، وفقا لشروطهم التي ذكرتها لكم، ولأنهم هم أصحاب القرار وفقا للقانون.
نحن الآن على وشك البدء بالعمل على شراء مقبرة تكون تحت إشراف المسلمين بعيدا عن سلطة الكنيسة، وسوف يتم إرسال طلب بهذا الأمر للجهات المختصة.
أفيدونا في هذا الجانب -رحمكم الله- في حال تعثرت عملية الشراء، أو قوبل الطلب بالرفض. وفي حال امتلأت المقبرة الحالية قبل الحصول على رد من قبل الجهات المعنية.
هل يجوز لنا استصلاح مقبرة النصارى، وتحويلها إلى مقبرة للمسلمين؟ وهل هناك شروط معينة إذا كان هذا جائزا؟
بارك الله فيكم، وجزاكم عنا خير الجزاء.

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالاتفاق مع الكنيسة على استصلاح تلك المقبرة بإخراج العظام البالية منها وجعلها في مكان آخر،  وجعل المقبرة خاصة بالمسلمين، لا يشاركهم فيها غيرهم  هذا لا حرج فيه، فقد استصلح رسول الله -صلى الله عليه وسلم- الأرض التي بنى عليها مسجده، إذ كان فيه قبور للمشركين، وأشياء أخرى، فنبش تلك القبور، واستصلح الأرض.

ففي الصحيحين من حديث أنس بن مالك في قصة قدوم النبي -صلى الله عليه وسلم- المدينة، وبناء المسجد النبوي في أرض لبني النجار، قال أنس: فكان فيه ما أقول لكم: كانت فيه قبور المشركين، وكانت فيه خرب، وكان فيه نخل، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بقبور المشركين فنبشت، وبالخرب فسويت، وبالنخل فقطع، قال: " فصفوا النخل قبلة المسجد، قال: وجعلوا عضادتيه حجارة.. إلخ.
قال الحافظ في الفتح: وفي الحديث جواز التصرف في المقبرة المملوكة بالهبة والبيع، وجواز نبش القبور الدارسة إذا لم تكن محترمة، وجواز الصلاة في مقابر المشركين بعد نبشها وإخراج ما فيها. اهــ.

وفي الإنصاف للمرداوي الحنبلي: متى علم أن الميت صار ترابا، قال في الفروع: ومرادهم ظن أنه صار ترابا، ولهذا ذكر غير واحد، يعمل بقول أهل الخبرة، فالصحيح من المذهب، أنه يجوز دفن غيره فيه. قال أبو المعالى: جاز الدفن، والزراعة، وغير ذلك. اهــ.

جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: لو جعلت مقبرة الكفار المندرسة مقبرة للمسلمين بعد نقل عظامها إن كانت جاز، كجعلها مسجدا؛ لعدم احترامهم. والدفن في غير مقبرة الكفار المندرسة أولى إن أمكن، تباعدا عن مواضع العذاب. اهــ.

وأما لو كان المقصود  بالاستصلاح مسح ظاهر قبورهم مع بقاء عظامهم فيها، ودفن المسلمين بجانبهم؛ فهذا لا يجوز؛ لأنها في الحقيقة مقبرة لهم، ما دامت عظامهم فيها، ودفن المسلم في مقبرة الكفار لا يجوز في غير ضرورة.

جاء في الموسوعة الفقهية: اتفق الفقهاء على أنه يحرم دفن مسلم في مقبرة الكفار، وعكسه، إلا لضرورة. اهــ.
 والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة