تفسير قوله تعالى: قَالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلَى أَمْرِهِمْ لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِم مَّسْجِدًا

0 18

السؤال

سؤالي بخصوص المساجد التي بها قبور وقول الله تعالى: وكذلك أعثرنا عليهم ليعلموا أن وعد الله حق وأن الساعة لا ريب فيها إذ يتنازعون بينهم أمرهم فقالوا ابنوا عليهم بنيانا ربهم أعلم بهم قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجدا.
وشكرا، وجزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلم تذكر لنا -أخي السائل- سؤالك بشكل واضح، فإن كنت تعني أن ما في الآية الكريمة من بناء المسجد على مكان أصحاب الكهف يخالف ما جاء من النهي عن بناء المساجد على القبور، فالجواب: أن ما في الآية لا يتعارض مع النهي الوارد عن بناء المساجد على القبور، لأن بناء المسجد على مكان أهل الكهف لم يكن من فعل أهل العلم، وإنما كان من فعل حكام ذلك الزمان.

قال ابن رجب الحنبلي في شرح البخاري عن الآية المذكورة: اتخاذ القبور على المساجد من فعل أهل الغلبة على الأمور، وذلك يشعر بأن مستند القهر، والغلبة، واتباع الهوى، أنه ليس من فعل أهل العلم والفضل المتبعين لما أنزل الله على رسله من الهدى. اهــ.

بل ذكر شيخ الإسلام ابن تيمية ــ رحمه الله تعالى ــ أن هؤلاء الذين اتخذوا مسجدا على أهل الكهف هم من النصارى الذين لعنهم النبي صلى الله عليه وسلم، فقد قال في الرد على البكري: فهؤلاء الذين اتخذوا مسجدا على أهل الكهف كانوا من النصارى الذين لعنهم النبي صلى الله عليه وسلم، حيث قال: لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد. اهــ.
وفي أضواء البيان للشنقيطي -رحمه الله: وقد اختلف في قائل هذه المقالة، أهم الرهط المسلمون؟ أم هم الكفار؟ فإذا علمت ذلك فاعلم أنهم على القول بأنهم كفار فلا إشكال في أن فعلهم ليس بحجة، إذ لم يقل أحد بالاحتجاج بأفعال الكفار كما هو ضروري، وعلى القول: بأنهم مسلمون كما يدل له ذكر المسجد، لأن اتخاذ المساجد من صفات المسلمين، فلا يخفى على أدنى عاقل أن قول قوم من المسلمين في القرون الماضية: إنهم سيفعلون كذا، لا يعارض به النصوص الصحيحة الصريحة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا من طمس الله بصيرته فقابل قولهم: لنتخذن عليهم مسجدا {18ـ 21} بقوله -صلى الله عليه وسلم- في مرض موته قبل انتقاله إلى الرفيق الأعلى بخمس: لعن الله اليهود والنصارى، اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد، الحديث، يظهر لك أن من اتبع هؤلاء القوم في اتخاذهم المسجد على القبور، ملعون على لسان الصادق المصدوق -صلى الله عليه وسلم- كما هو واضح. اهــ.

ويرى بعض أهل العلم أن الآية ليست صريحة في البناء على قبورهم وأنه ربما كان البناء باب الكهف.

قال الصنعاني في التنوير شرح الجامع الصغير: وأما قوله تعالى: قال الذين غلبوا على أمرهم لنتخذن عليهم مسجدا {الكهف: 21} فالظاهر أن المسجد ليس على نفس محلهم، بل على باب الكهف، على أنهم ليسوا مقبورين، بل بارزين على ظاهر الأرض، كما وصفه الله تعالى، فليسوا داخلين في أحاديث القبر. اهــ.
وانظر الفتوى: 73277.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات