السؤال
هناك حديث رواه الإمام أحمد فى المسند، وهو حديث ليلة الجن، وفى لفظ الحديث: فجعلوا يركبون رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فما معنى: يركبون؟ وما مدى صحة هذا الحديث؟ فهناك علماء يصححون سند الحديث، وهناك من يضعفونه، ويعلون الحديث بأن ابن مسعود -رضي الله عنه- لم يشهد ليلة الجن مع رسول الله -عليه السلام-، لما رواه الإمام مسلم في صحيحه، فما هو الراجح في هذا الباب؟
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فهذا الحديث لا يصح.
ذكره ابن كثير في تفسيره، وقال: فيه غرابة شديدة.
وضعفه محققو المسند، بإشراف الشيخ شعيب الأرنؤوط.
ويؤيد تضعيف الحديث أن ابن مسعود لم يشهد مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليلة الجن على الأصح، ففي صحيح مسلم عن عامر، قال: سألت علقمة هل كان ابن مسعود شهد مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليلة الجن؟ قال: فقال علقمة، أنا سألت ابن مسعود فقلت: هل شهد أحد منكم مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليلة الجن؟ قال: لا، ولكنا كنا مع رسول الله ذات ليلة ففقدناه، فالتمسناه في الأودية والشعاب، فقلنا: استطير، أو اغتيل، قال: فبتنا بشر ليلة بات بها قوم، فلما أصبحنا إذا هو جاء من قبل حراء، قال: فقلنا يا رسول الله فقدناك، فطلبناك، فلم نجدك، فبتنا بشر ليلة بات بها قوم، فقال: أتاني داعي الجن فذهبت معه، فقرأت عليهم القرآن، قال: فانطلق بنا فأرانا آثارهم، وآثار نيرانهم، وسألوه الزاد، فقال: لكم كل عظم ذكر اسم الله عليه يقع في أيديكم أوفر ما يكون لحما، وكل بعرة علف لدوابكم، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: فلا تستنجوا بهما، فإنهما طعام إخوانكم.
وأما معنى قوله: فجعلوا يركبون رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أي: أن الجن جعلوا يتبعون رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، ويقتربون منه، ويتزاحمون حوله، كما في رواية البيهقي في دلائل النبوة: فازدحموا عليه.
وقال ابن الأثير في النهاية في غريب الحديث والأثر: وفي حديث أبي هريرة: فإذا عمر قد ركبني؛ أي تبعني، وجاء على أثري؛ لأن الراكب يسير بسير المركوب، يقال ركبت أثره وطريقه إذا تبعته ملتحقا به.
والله أعلم.