هل يعتبر من الزنا إدخال الرجل حشفة ذكره في فرج امرأة لا تحل له؟

0 56

السؤال

هل يعتبر إدخال الحشفة فقط في المهبل زنا؟ مع العلم أني أصررت على عدم الإدخال، لكنه حدث بالخطأ، ثم توقفت فورا بعد ما حدث، أشعر بالندم والخوف، وأصبحت لا أصلي بسبب خجلي من الله سبحانه وتعالى، فما الحل؟ وهل أعتبر زانية؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإدخال الرجل حشفة الذكر في فرج امرأة لا تحل له؛ هو الزنا الحقيقي الذي تتعلق به الأحكام.

قال النووي -رحمه الله- في المجموع: وجميع الأحكام المتعلقة بالجماع يشترط فيها تغييب الحشفة بكمالها في الفرج، ولا يشرط زيادة على الحشفة. انتهى.

وقال السبكي -رحمه الله- في الأشباه والنظائر: فكل حكم تعلق بالوطء كفى فيه تغييب الحشفة من الغسل والزنا.. انتهى.

ولا ريب في كون الزنا من أفحش الذنوب، ومن أكبر الكبائر، ولذلك نهى الله -تعالى- عن مقاربته، ومخالطة أسبابه ودواعيه، قال تعالى: ولا تقربوا الزنا إنه كان فاحشة وساء سبيلا {الإسراء: 32}.

لكن الذنب مهما عظم فإنه لا يعظم على عفو الله، فمن سعة رحمة الله، وعظيم كرمه أنه يقبل التوبة، بل إن الله يفرح بتوبة العبد، ويحب التوابين، ويبدل سيئاتهم حسنات، قال تعالى: وهو الذي يقبل التوبة عن عباده ويعفو عن السيئات ويعلم ما تفعلون {الشورى:25}.

وقال تعالى: قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم {الزمر: 53}.

والتوبة تكون بالإقلاع عن الذنب، والندم على فعله، والعزم على عدم العود، مع الاجتهاد في الأعمال الصالحة، قال تعالى: ومن تاب وعمل صالحا فإنه يتوب إلى الله متابا {الفرقان: 71}.

قال القرطبي -رحمه الله- في تفسيره: وقيل: أي من تاب بلسانه، ولم يحقق ذلك بفعله، فليست تلك التوبة نافعة، بل من تاب وعمل صالحا، فحقق توبته بالأعمال الصالحة، فهو الذي تاب إلى الله متابا، أي تاب حق التوبة، وهي النصوح، ولذا أكد بالمصدر، فـ: متابا ـ مصدر معناه التأكيد، كقوله: وكلم الله موسى تكليما ـ أي فإنه يتوب إلى الله حقا، فيقبل الله توبته حقا. انتهى.

وعليه؛ فقد أخطأت خطيئة عظيمة؛ حيث أوقعك الشيطان بحيله ومكائده؛ في ترك الصلاة بزعم الحياء من الله! فأي حياء هذا الذي يحمل صاحبه على زيادة الجناية وشدة المخالفة، والجرأة على المعصية الأكبر!  فترك الصلاة المفروضة ذنب أكبر من الزنا، وشرب الخمر، وقتل النفس.

قال ابن القيم -رحمه الله: لا يختلف المسلمون أن ترك الصلاة المفروضة عمدا من أعظم الذنوب، وأكبر الكبائر، وأن إثمه عند الله أعظم من إثم قتل النفس، وأخذ الأموال، ومن إثم الزنا، والسرقة، وشرب الخمر، وأنه متعرض لعقوبة الله، وسخطه، وخزيه في الدنيا والآخرة. انتهى.

فاستعيذي بالله تعالى من الشيطان، وبادري بالتوبة والرجوع إلى الله تعالى، واقضي ما فاتك من الصلوات، وحافظي على الصلاة في أوقاتها؛ واجتهدي في النوافل؛ فالصلاة مفتاح كل خير، وهي تنهى عن الفحشاء والمنكر، وبها يستعان على التوبة والاستقامة، قال تعالى: واستعينوا بالصبر والصلاة وإنها لكبيرة إلا على الخاشعين {البقرة: 45}

قال السعدي –رحمه الله: فبالصبر وحبس النفس على ما أمر الله بالصبر عليه معونة عظيمة على كل أمر من الأمور، ومن يتصبر يصبره الله، وكذلك الصلاة التي هي ميزان الإيمان، وتنهى عن الفحشاء والمنكر، يستعان بها على كل أمر من الأمور. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة