علاج عدم الشعور بالإخلاص في التوبة

0 14

السؤال

شخص وقع في الردة ثم تاب، وعند توبته يشعر أنه غير مخلص في توبته، بسبب أن توبته كانت من أجل الميراث، لأن الكافر لا يرث المسلم، ولأن توبته من أجل الزواج بمسلمة، فما هي الطريقة والعمل حتى تكون توبته خالصة لله عز وجل؟ وما هي العلامات التي إن وجدت دلت على إخلاصه؟ وهل يلزم أن يخاف من عدم قبول توبته؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإنا ننصح هذا الشخص بإبعاد هذه الهواجس عن نفسه، فإن المرتد إذا نطق بالشهادتين، فقد دخل في الإسلام، إلا أن تكون ردته بسبب جحد فرض ونحوه، فإن توبته حينئذ تكون بالنطق بالشهادتين مع إقراره بالمجحود به، قال في زاد المستقنع: وتوبة المرتد وكل كافر إسلامه، بأن يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، ومن كفر بجحد فرض ونحوه، فتوبته مع الشهادتين إقراره بالمجحود به، أو قول: أنا بريء من كل دين يخالف دين الإسلام. انتهى.

وقال ابن مفلح في المبدع: وتوبة المرتد، وكل كافر إسلامه، وهو أن يشهد أن لا إله إلا الله، وأن محمدا عبده ورسوله، لحديث ابن عمر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، ويقيموا الصلاة، ويؤتوا الزكاة، فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحق الإسلام، وحسابهم على الله عز وجل ـ متفق عليه، وهذا يثبت به إسلام الكافر الأصلي، فكذا المرتد، ولا يحتاج مع ثبوت إسلامه إلى الكشف عن صحة ردته. انتهى.

ولو كان هذا الشخص يعلم من نفسه أنه نطق كلمة التوحيد غير موقن بها ولا مخلص لله بها، فقد فقد من شروطها شرطي اليقين والإخلاص، فيجب عليه أن يجاهد نفسه في تحقيقهما، فقد قال الله تعالى: إنما المؤمنون الذين آمنوا بالله ورسوله ثم لم يرتابوا وجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله أولئك هم الصادقون {الحجرات:15}.

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أشهد أن لا إله إلا الله، وأني رسول الله، لا يلقى الله بهما عبد غير شاك فيهما، إلا دخل الجنة. رواه مسلم. 

وعن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول صلى الله عليه وسلم قال:.. فمن لقيت من وراء هذا الحائط يشهد أن لا إله إلا الله، مستيقنا بها قلبه، فبشره بالجنة. رواه مسلم. 

وفي حديث عتبان في الصحيحين: فإن الله حرم على النار من قال: لا إله إلا الله، يبتغي بذلك وجه الله

وقال القرطبي في المفهم على صحيح مسلم: باب: لا يكفي مجرد التلفظ بالشهادتين، بل لابد من استيقان القلب ـ هذه الترجمة تنبيه على فساد مذهب غلاة المرجئة، القائلين بأن التلفظ بالشهادتين كاف في الإيمان، وأحاديث هذا الباب تدل على فساده، بل هو مذهب معلوم الفساد من الشريعة لمن وقف عليها، ولأنه يلزم منه تسويغ النفاق، والحكم للمنافق بالإيمان الصحيح، وهو باطل قطعا. انتهى.

وعليه أن يكثر من مطالعة نصوص الوحيين، ليزداد رغبة في الإسلام، واقتناعا به، فقد يسلم الشخص رغبة في الدنيا، ولكنه إذا جالس أهل العلم وواصل دراسة نصوص الوحي اقتنع بالإسلام وثبت فيه، وتحول من رغبة في الدنيا إلى رغبة فيما عند الله تعالى، فقد ثبت عن أنس -رضي الله عنه- قال: ما سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام شيئا إلا أعطاه، ولقد جاءه رجل فأعطاه غنما بين جبلين، فرجع إلى قومه فقال: يا قوم، أسلموا؛ فإن محمدا يعطي عطاء من لا يخشى الفقر، وإن كان الرجل ليسلم ما يريد إلا الدنيا، فما يلبث إلا يسيرا حتى يكون الإسلام أحب إليه من الدنيا وما عليها. رواه مسلم.

والله أعلم.

مواد ذات صلة