أحكام تتعلق بالهبة والوصية

0 9

السؤال

لدي استفسار حول جدي من أمي -رحمه الله- حيث قام جدي وهو على قيد الحياة عام 1993، بشراء مسكن، وتقييده بالشهر العقاري: النصف لأمي، والنصف لخالي.
وبهذا، وعند وفاة جدي 2021 لم يترك أي مسكن، أو عقار باسمه.
فهل يعتبر هذا المسكن تركة، مع العلم أن جدي لم يكتبه قط باسمه، وعند شرائه مباشرة كتبه لأمي وخالي.
وهنالك تفصيل آخر: حيث إن خالي ليس بالأخ الحقيقي لأمي، بل هو أخ بالتبني، حيث إننا نعرف أبويه، فهو من بقية العائلة.
أدرك تماما أن التبني حرام شرعا، ولكن هذا التبني قد تم عام 1971، وأسأل الله أن يتجاوز عن جدي سيئاته، ويغفر له.
ما يجعلني أعرض هذه التساؤلات هو قضية الميراث: أنني إذا اعتبرت أمي البنت الوحيدة فلها النصف. وهو ما كتبه لها جدي عند شرائه المنزل.
أما خالي بالتبني فكتب له النصف أيضا. علما أن الهبة لا تتجاوز الثلث.
فسؤالي: هل عملية الشراء والبيع التي قام بها جدي تخرجنا تماما من قضية الميراث. وبالتالي ليس هنالك تركة وليس هنالك ميراث؟
وما هو ميراث البنت الوحيدة مع عصبتها من أبيها، من باب الاستعلام؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالبنت ترث النصف؛ لقول الله -تعالى- في ميراث البنت الواحدة: وإن كانت واحدة فلها النصف. {سورة النساء:11}.

 وإن وجد معها عصبة، فالباقي لهم -إن لم يوجد أصحاب فروض آخرون غير البنت- لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ألحقوا الفرائض بأهلها، فما بقي فهو لأولى رجل ذكر. متفق عليه.

وأما كتابة جدك البيت الذي اشتراه باسم ابنته، والابن المتبنى. فإن هذه الكتابة لا بد من النظر في المراد منها، وهي لا تخلو من أحوال:

أولها: إن أراد جدك منها الهبة، ووهبهما البيت وهو في غير مرض مخوف، وحازاه، ورفع جدك يده عنه تماما؛ فهذه هبة قد تمت، والبيت لهما في هذه الحال، وليس ميراثا عن جدك.

ثانيهما: إذا أراد جدك بتلك الكتابة الهبة، ولكنه لم يرفع يده عن البيت حتى مات، ولم يمكنهما التصرف فيه في حياته؛ فهذه هبة لم تتم، والبيت يكون ميراثا للورثة، وانظري الفتوى: 426328.

ثاليها: إن أراد جدك منها الهبة، ووهبهما البيت وهو في مرض مخوف؛ فهذه الهبة تعتبر وصية. والوصية للوارث ممنوعة، ولغير الوارث صحيحة في حدود الثلث.

فلا تمضي وصيته بنصف البيت لابنته، وتمضي وصيته بالنصف الآخر من البيت للابن المتبنى؛ لأنه ليس وارثا، بشرط أن لا يزيد نصف البيت عن ثلث التركة عند الوفاة.

قال ابن قدامة في المغني: عطيته في مرض موته لبعض ورثته، لا تنفذ؛ لأن العطايا في مرض الموت بمنزلة الوصية، في أنها تعتبر من الثلث إذا كانت لأجنبي إجماعا، فكذلك لا تنفذ في حق الوارث.

قال ابن المنذر: أجمع كل من أحفظ عنه من أهل العلم، أن حكم الهبات في المرض الذي يموت فيه الواهب، حكم الوصايا ... اهــــ.

رابعها: إن أراد جدك بتلك الكتابة الوصية ابتداء وليس الهبة، فالأمر كما ذكرناه في الحالة الثالثة. تمضي الهبة للابن المتبنى، ولا تمضي الوصية للبنت؛ لأنها وارثة.

وانظري الفتوى: 130805، والفتوى: 240931، والفتوى: 208447، والفتوى: 340612. وفي الأخير إن كان في القضية نزاع، فالمرجع هو المحكمة الشرعية.

والله أعلم.

مواد ذات صلة