للبنت وضع حجابها عند أبيها، والخلوة معه، وكذلك مع بقية محارمها.

0 22

السؤال

أنا فتاة، عمري 19 عاما، والدي دائما بعيد عني، ولا يتكلم معي عندما أكون أنا وهو في الغرفة، ويقول لأمي إن هذا من التقوى، ويدلل على ذلك أن عمر -رضي الله عنه- كان يجلس مع ابنته حفصة -رضي الله عنهما- فرأى أحد الصحابة ذلك، فقال له: يا عمر، اتق الله، الشيطان ثالثكما. فهل هذه القصة صحيحة؟
علما أن بعض الآباء يأمرون بناتهم أن يلبسن الحجاب أمامهم. فهل هذا من الدين؟ رغم أنني أعتقد أن ذلك مبالغة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن أمر الأب ابنته بأن تلتزم بالحجاب عند وجوده مخالف للأصل؛ إذ إن المحرم مأمون الجانب ولا سيما الأب مع ابنته، ولذلك رخص الشرع للمرأة بوضع حجابها عند محارمها وإبداء زينتها، قال تعالى: وقل للمؤمنات يغضضن من أبصارهن ويحفظن فروجهن ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها وليضربن بخمرهن على جيوبهن ولا يبدين زينتهن إلا لبعولتهن أو آبائهن أو آباء بعولتهن أو أبنائهن أو أبناء بعولتهن أو إخوانهن أو بني إخوانهن أو بني أخواتهن أو نسائهن أو ما ملكت أيمانهن أو التابعين غير أولي الإربة من الرجال أو الطفل الذين لم يظهروا على عورات النساء ولا يضربن بأرجلهن ليعلم ما يخفين من زينتهن وتوبوا إلى الله جميعا أيه المؤمنون لعلكم تفلحون {النور: 31}.

ومن هنا نقول: إن أمر الأب ابنته بلبس الحجاب عنده -إن لم يكن له سبب مقبول- فلا شك في أنه نوع من الغلو والتنطع.

وقد روى مسلم في صحيحه عن عبد الله ابن مسعود -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: هلك المتنطعون. قالها ثلاثا.

وليس هذا التصرف من التقوى في شيء؛ فما كان مخالفا للشرع ليس من التقوى، فالتقوى في موافقة الشرع، لا في الزيادة عليه.

ومما يجدر التنبيه إليه هو أنه قد تأتي بعض الأحوال خلاف ذلك الأصل، وهو أنه يجب على المرأة أن تحتجب عن محرمها، وذلك فيما إذا وجدت ريبة كونه قد فتن بها، وقد يصل الأمر إلى أن يقع معها في الفاحشة.

وقد ورد في أمثال هؤلاء الحديث الذي رواه الترمذي وابن ماجه عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من وقع على ذات محرم؛ فاقتلوه.

وهذه حالة نادرة، ويبقى ما كان عن غير ريبة مجرد تخيلات وأوهام لا يلتفت إليها.

 وقصة عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- المذكورة لم نجد لها أصلا، وهي متضمنة لما يخالف الشرع؛ فحديث: لا يخلون رجل بامرأة؛ فإن ثالثهما الشيطان. مقصود به المرأة الأجنبية، أي: المرأة التي ليست من محارمه، وقد روى هذا الحديث أحمد والترمذي من حديث عمر نفسه -رضي الله عنه-. ثم إن الصحابة أفقه من أن يستدلوا بهذا الحديث على المنع من الخلوة بالمحارم.

والدليل على أن المقصود المنع من الخلوة بالأجنبية وليس المحارم: الحديث الذي رواه ابن حبان في صحيحه عن ابن عباس -رضي الله عنهما- يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر يخطب: لا تسافرن امرأة إلا بذي محرم، ولا يخلون رجل بامرأة إلا بذي محرم

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة