إزالة تعارض في سبب نزول آية: {لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم}

0 28

السؤال

في صحيح البخاري حديث: 3428، لما نزلت: {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم}، قال أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: أينا لم يلبس إيمانه بظلم؟ فنزلت: {لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم}.
من هذا الحديث يفهم أن الآية الأولى نزلت قبل الثانية، ولكن في الحديث التالي قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألم تسمعوا ما قال لقمان لابنه وهو يعظه: يا بني لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم. فيفهم أن الآية الثانية كان نزولها قبل الأولى.
فما الجواب؟
وفقكم الله.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فهاتان روايتان لحديث واحد رواه البخاري ومسلم في صحيحيهما.

والرواية الأولى لفظها عند البخاري دون مسلم، ونصها عند البخاري قال: حدثنا أبو الوليد قال: حدثنا شعبة.ح. قال: وحدثني بشر بن خالد أبو محمد العسكري قال: حدثنا محمد بن جعفر عن شعبة عن سليمان عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله بن مسعود قال: لما نزلت: {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم}، قال أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم: أينا لم يلبس إيمانه بظلم؟ فنزلت: {لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم}.

والإشكال الذي سألت عنه أزاله الحافظ ابن حجر في كتابه (فتح الباري شرح صحيح البخاري) حيث قال معلقا على هذه الرواية: واقتضت رواية شعبة هذه أن هذا السؤال سبب نزول الآية الأخرى التي في لقمان، لكن رواه البخاري ومسلم من طريق أخرى عن الأعمش -وهو سليمان المذكور في حديث الباب-. ففي رواية جرير عنه: فقالوا: أينا لم يلبس إيمانه بظلم؟ فقال: ليس بذلك، ألا تسمعون إلى قول لقمان، وفي رواية وكيع عنه: فقال ليس كما تظنون. وفي رواية عيسى بن يونس: إنما هو الشرك، ألم تسمعوا إلى ما قال لقمان.

وظاهر هذا أن الآية التي في لقمان كانت معلومة عندهم، ولذلك نبههم عليها، ويحتمل أن يكون نزولها وقع في الحال، فتلاها عليهم، ثم نبههم فتلتئم الروايتان. انتهى.

وقد عد الطاهر ابن عاشور أن قوله في هذه الرواية: فنزلت: لا تشرك بالله إن الشرك لظلم عظيم. سهو من الراوي.

 فقد قال -رحمه الله تعالى- في النظر الفسيح عند مضائق الأنظار، في الجامع الصحيح: ... 

فقوله هنا: فنزلت {لا تشرك بالله} سهو من الراوي عن الأعمش، إما من أبي الوليد، وإما من شعبة. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة