السؤال
هل يمكن أن يعذب الله الناس كلهم يوم القيامة، حتى الصالحين منهم؟ أنا خائف من العذاب، وأعلم أن الله قال في كتابه: إن الله لا يخلف الميعاد.
السؤال: كيف أطمئن أن الله لن يعذبني إذا فعلت الحسنات؟
هل يمكن أن يعذب الله الناس كلهم يوم القيامة، حتى الصالحين منهم؟ أنا خائف من العذاب، وأعلم أن الله قال في كتابه: إن الله لا يخلف الميعاد.
السؤال: كيف أطمئن أن الله لن يعذبني إذا فعلت الحسنات؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الله -تعالى- حكم عدل، وهو -سبحانه- لا يظلم مثقال ذرة، وهو -سبحانه- حكيم يضع الأشياء في مواضعها، ويوقعها في مواقعها.
فمقتضى أسمائه الحسنى، وصفاته العلا أنه يكرم أولياءه، ويهين أعداءه، فمن ظن به أنه يعذب من أطاعه، ويهين من اجتهد في عبادته، ويسوي بين أهل طاعته وأهل معصيته، فقد ظن به ظن السوء. وظن به خلاف ما تقتضيه أسماؤه الحسنى.
قال ابن القيم رحمه الله: وأكثر الناس يظنون بالله غير الحق ظن السوء فيما يختص بهم وفيما يفعله بغيرهم، ولا يسلم عن ذلك إلا من عرف الله وعرف أسماءه وصفاته، وعرف موجب حمده وحكمته. فمن قنط من رحمته وأيس من روحه، فقد ظن به ظن السوء. ومن جوز عليه أن يعذب أولياءه مع إحسانهم وإخلاصهم، ويسوي بينهم وبين أعدائه، فقد ظن به ظن السوء. انتهى.
وقد بين الله في كتابه أن هذا خلاف حكمته، وخلاف ما تقتضيه أسماؤه الحسنى -جل وعلا- فقال: أم نجعل الذين آمنوا وعملوا الصالحات كالمفسدين في الأرض أم نجعل المتقين كالفجار {ص: 28}. وقال: أم حسب الذين اجترحوا السيئات أن نجعلهم كالذين آمنوا وعملوا الصالحات سواء محياهم ومماتهم ساء ما يحكمون {الجاثية: 21}، في آيات كثيرة.
فدع عنك ظن السوء بربك -تعالى- فإنه لو لم يرد خبره الصادق بتنعيم أهل الطاعة وإكرامهم، لكان هذا ما تقتضيه أسماؤه الحسنى، وصفاته العلا -سبحانه وبحمده- ثم كيف لا يكفيك خبره الصادق في كتابه -جل اسمه- وكيف لا يكون لك في مقنع؟ وهل أصدق من خبر الله تعالى؟ قال جل اسمه: ومن أصدق من الله قيلا {النساء: 122}، وقال: ومن أصدق من الله حديثا {النساء: 87}، وقال: ومن أوفى بعهده من الله {التوبة: 111}.
فتب من سؤالك هذا، واستغفر الله من سوء ظنك به، ومن ظنك خلاف ما تقتضيه أسماؤه الحسنى وصفاته العلا، وخلاف ما يقتضيه خبره الصادق الذي فيه كفاية عن كل شيء سبحانه وبحمده.
والله أعلم.