هل صحيح أن الظالم لا تُقبل منه عبادة ولا دعوة حتى يعفو عنه المظلوم؟

0 41

السؤال

الشائع أن الظالم لا تقبل منه توبة ولا عبادة، ولا تستجاب له دعوة، حتى يعفو عنه المظلوم، ولو توفي على حاله، فالله -عز وجل-، لا يقبل منه عباداته، ولا توبته، ولا ندمه على الظلم. فهل هذا صحيح؟ وهل القصاص من الظالم يكون في الدنيا والآخرة؟

الإجابــة

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:

فالظلم من أقبح الجرائم، وقد قال الله -كما في الحديث القدسي الذي أخرجه مسلم-: إني حرمت الظلم على نفسي، وجعلته بينكم محرما، فلا تظالموا.

وحقوق العباد لا يتجاوز الله عنها، بل لا بد فيها من القصاص في الآخرة، فإن لم يستحل الظالم المظلوم، أو يرد عليه ظلامته؛ اقتص له منه في الآخرة بقدر مظلمته، فيعطى من حسناته بقدر مظلمته، فإن لم تكن له حسنة، أخذ من سيئات صاحبه، فطرح عليه.

وأما أن الظالم لا تقبل له عبادة، ولا توبة؛ فهذا ما لم تدل عليه الأدلة، وإنما يبقى حق المظلوم في عنقه ما لم يستحله، حتى يؤدي هذا الحق في الآخرة، ففي الصحيح من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: من كانت له مظلمة لأخيه من عرضه أو شيء، فليتحلله منه اليوم، قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه.

وفي صحيح مسلم عن أبي هريرة، أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: أتدرون من المفلس؟ قالوا: المفلس فينا يا رسول الله من لا درهم له ولا متاع، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: المفلس من أمتي من يأتي يوم القيامة بصلاته وصيامه وزكاته، ويأتي قد شتم هذا وقذف هذا، وأكل مال هذا، وسفك دم هذا، وضرب هذا فيقعد فيقتص هذا من حسناته، وهذا من حسناته، فإن فنيت حسناته قبل أن يقتص ما عليه من الخطايا أخذ من خطاياهم فطرح عليه ثم طرح في النار.

فهذه الأحاديث دالة على أنه تكون له طاعات مقبولة يستحق عليها ثوابا، وأنه يؤخذ منه بقدر ظلمه لصاحبه، وإن لم تكن له حسنة يعطاها صاحبه، أخذ من سيئاته فحمل عليه، كما قال النبي صلوات الله عليه، والله تعالى حكم عدل لا تضيع عنده مثاقيل الذر، ولا يظلم الناس مثقال خردلة، سبحانه وبحمده.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة