السؤال
استمنيت وأنا صائم، وأنا على علم كامل بحرمة الفعل، وببطلان الصيام بهذا الفعل، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
الآن وقد بطل صيامي أردت التوبة: فأكملت اليوم لا أطعم، ولا أشرب شيئا بنفس أحكام الصائمين، طمعا في ثواب الله، وجلدا للذات، فكأنني أبدأ صيامي من جديد من لحظة إفطاري. فهل أؤجر بذلك، أو يكون هذا صيام نصف يوم؟
كلما عزمت على التوبة عدت لنفس الذنب، وأفجر من ذي قبل. كنت مداوما على صيام الاثنين والخميس، فأصبحت لا أصوم حتى أستمني في وسط اليوم.
وكنت أحفظ القرآن الكريم كاملا فنسيته؛ لأن نور الله لا يهدى لعاص، كنت على شيء قليل من العلم في الفقه والتفسير، ومتفوقا في دراستي، فتبدل الحال إلى العكس تماما، كأن كل ذلك كان دخانا وطار.
أرجو المساعدة، واجتهدوا في الدعاء من أجلي، عسى الله أن يتقبل منكم.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإن كان هذا الصوم من رمضان؛ فإمساكك بقية يومك واجب؛ لحرمة اليوم.
وأما إن كان صوم تطوع؛ فقد أفسدته، ولا يلزمك الإمساك، ولا ينفعك، ولا تؤجر به؛ لأنه ليس صوما شرعيا.
وانظر الفتويين: 409477، 7619
ولكن عليك إذا ارتكبت سيئة أن تبادرها بحسنة ماحية؛ فإن الحسنات يذهبن السيئات.
فلو اغتسلت، ثم صليت ركعتين بنية التوبة لله تعالى، أو قرأت شيئا من القرآن، أو تصدقت بصدقة؛ كان ذلك حسنا.
ثم عليك أن تتوب إلى الله -تعالى- من هذا الفعل القبيح، وتعاود ما كنت عليه من الخير، بل وتزداد منه.
ويعينك على ذلك: مجاهدة نفسك مجاهدة صادقة، وألا تيأس من رحمة الله، فكلما أذنبت فتب، ثم إذا عدت فأذنبت فتب؛ فإن الله لا يزال يتوب عليك ما تبت إليه، فهو -سبحانه- بمنه وكرمه وعد التائبين بقبول توبتهم، وغفران خطاياهم مهما عظمت. قال سبحانه: قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعا إنه هو الغفور الرحيم [الزمر:53].
وعن أنس بن مالك -رضي الله عنه- قال: سمعت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول: قال الله تبارك وتعالى: يا ابن آدم إنك ما دعوتني ورجوتني غفرت لك على ما كان منك، ولا أبالي، يا ابن آدم لو بلغت ذنوبك عنان السماء، ثم استغفرتني، غفرت لك، ولا أبالي... الحديث.
وعليك بلزوم الذكر والدعاء، والتضرع إلى الله -تعالى- أن يبدل حالك إلى أحسن حال.
وعليك بصحبة أهل الخير والصلاح الذين تعين صحبتهم على طاعة الله تعالى.
واشغل نفسك دائما بالنافع من الأعمال في دينك ودنياك، وابتعد عن الملهيات والمثيرات، وما من شأنه أن يحرك غريزتك.
نسأل الله أن يتوب عليك، ويوفقك لمراضيه.
والله أعلم.