السؤال
أخي عقد على امرأة، وقدر الله أن توفي قبل أن يدخل بها، فبعد وفاته قامت أمي بسؤال زوجته بأن لها المؤخر من المهر باق في ذمته، هل تريدينه، أم ستسامحينه فيه؟ فقالت: سامحته.
وبعد 6 أشهر من تاريخ الوفاة عادت لتطالب بمؤخر المهر، متعذرة بأنها في البداية كانت في حالة صدمة من وفاة خطيبها، والآن عاد وعيها.
فهل يجب علينا في هذه الحالة دفع المهر لها، أم لا؟
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فإنه لا يجب عليكم دفع المهر لها بعد أن أبرأته، وسامحته طائعة راشدة؛ لأن الإبراء ينفذ إن كانت بالغة، عاقلة، رشيدة، لها أهلية التصرف في أموالها؛ ولا يقبل منها الرجوع؛ لأن الفقهاء يقولون: إن صاحب الحق إذا أسقط حقه -مما يقبل الإسقاط - سقط. فقد قال ابن قدامة في المغني: صح إبراء الميت مع عدم القبول منه. اهـ.
وقال ابن قدامة في "المغني": وإذا عفت المرأة عن صداقها الذي لها على زوجها، أو عن بعضه، أو وهبته له بعد قبضه، وهي جائزة الأمر في مالها، جاز ذلك، وصح، ولا نعلم فيه خلافا؛ لقول الله تعالى: {إلا أن يعفون} [البقرة: 237]، يعني الزوجات، وقال الله -تعالى-: {فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا} [النساء: 4].اهـ.
وجاء في الموسوعة الفقهية: من المعلوم أن الساقط ينتهي، ويتلاشى، ويصبح كالمعدوم، لا سبيل إلى إعادته، إلا بسبب جديد يصير مثله، لا عينه، فإذا أبرأ الدائن المدين، فقد سقط الدين، فلا يكون هناك دين، إلا إذا وجد سبب جديد. اهـ.
وفي شرح مجلة الأحكام:
المادة: 51 ـ الساقط لا يعود. يعني إذا أسقط شخص حقا من الحقوق التي يجوز له إسقاطها، يسقط ذلك الحق، وبعد إسقاطه لا يعود...
مثال: لو كان لشخص على آخر دين، فأسقطه عن المدين، ثم بدا له رأي، فندم على إسقاطه الدين عن ذلك الرجل، فلأنه أسقط الدين، وهو من الحقوق التي يحق له أن يسقطها، فلا يجوز له أن يرجع إلى المدين، ويطالبه بالدين؛ لأن ذمته برئت من الدين بإسقاط الدائن حقه فيه. اهـ.
ويقول الزحيلي في القواعد: لو أبرأ الدائن مدينه من الدين، فقبل، أو سكت، ولم يرد، سقط الدين، فلا يمكن استعادته إذا ندم الدائن، ولا تسمع دعواه، وإن أقر به المدين بعد ذلك. اهـ.
والله أعلم.