السؤال
ما الحكمة من وجود شاهد واحد لدخول شهر رمضان، وشاهدين لدخول شهر شوال؟
الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، وعلى آله، وصحبه، أما بعد:
فالحكمة في الاكتفاء بخبر الواحد في رؤية هلال رمضان عند القائلين بهذا القول، هي الاحتياط للعبادة، كما قال البهوتي الحنبلي في كشاف القناع: ولا يقبل في بقية الشهور، كشوال وغيره، إلا رجلان عدلان بلفظ الشهادة؛ ... وإنما ترك ذلك في رمضان احتياطا للعبادة. اهــ.
وقال النووي في المجموع: لا يثبت هلال شوال، ولا سائر الشهور غير رمضان، إلا بشهادة رجلين، حرين، عدلين؛ لحديث الحارث ...، وقياسا على باقي الشهادات التي ليست مالا، ولا المقصود منها المال، ويطلع عليها الرجال غالبا، مع أنه ليس فيه احتياط للعبادة، بخلاف هلال رمضان .انتهى.
والاكتفاء بخبر الواحد في رؤية هلال رمضان أمر مختلف فيه، وليس محل اتفاق، فمن أهل العلم من يرى أنه لا بد من شاهدين كبقية أشهر العام.
جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: اختلف الفقهاء في قبول خبر الواحد عن رؤية هلال شهر رمضان بسبب اختلافهم في كون هذه الرؤية من باب الأخبار، أو من باب الشهادة. فذهب الشافعية، والحنابلة، وأبو حنيفة في رواية عنه إلى قبول خبر ثقة واحد عن رؤية هلال شهر رمضان بشرط أن يكون مسلما، عاقلا، بالغا، عدلا، سواء أكانت السماء مصحية، أم لا؛ لحديث ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: تراءى الناس الهلال، فأخبرت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أني رأيته، فصامه، وأمر الناس بصيامه ....، وذهب الحنفية إلى أنه إن كانت السماء مصحية، فيشترط لثبوت هلال رمضان رؤية عدد من الشهود يقع العلم القطعي للقاضي بشهادتهم؛ لتساوي الناس في الأسباب الموصلة إلى الرؤية، وتفرد واحد بالرؤية مع مساواة غيره دليل الكذب، أو الغلط في الرؤية، أما إذا كانت السماء غير مصحية، أو بها علة، فيقبل خبر الواحد العدل في رؤية هلال رمضان ....، أما المالكية، فيرون أنه لا بد لثبوت هلال رمضان من إتمام شعبان ثلاثين يوما، أو رؤية عدلين، أو أكثر، وهو قول لدى الشافعية، ورواية عن أحمد؛ لما روى عبد الرحمن بن زيد بن الخطاب: أنه خطب الناس في اليوم الذي يشك فيه فقال: ألا إني جالست أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وسألتهم، وأنهم حدثوني أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته، وانسكوا لها، فإن غم عليكم، فأكملوا ثلاثين، فإن شهد شاهدان، فصوموا، وافطروا. اهــ. مختصرا.
والله أعلم.